مسألة [٥]: من انحرف عن القبلة يسيرًا، ثم تبين له ذلك.
قال البغوي -رحمه الله- في «شرح السنة»(٢/ ٣٢٦): أما إذا بان أنه كان منحرفًا يمنةً، أو يسرةً، والجهة واحدة؛ فلا إعادة عليه بالاتفاق. انتهى.
قال ابن رجب -رحمه الله- في «الفتح»(٢/ ٢٩٢): وقال مجاهد فيمن مال عن القبلة: لا يضره؛ ما بين المشرق والمغرب قبلة. وقال الحسن فيمن التفت في صلاته: إنِ استدبر القبلة؛ بطلت صلاته، وإنِ التفت عن يمينه، أو شماله؛ مضت صلاته. وروي عن حميد بن عبد الرحمن أنه أعاد صلاة صلاها في مسجد، قيل له: إنَّ في قبلته تياسرًا. ومذهب مالك: أنه إنْ علم في الصلاة أنه استدبر القبلة، أو شرَّق، أو غرَّب؛ قطع وابتدأ الصلاة، وإن علم بذلك بعد الصلاة؛ أعاد في الوقت، وأن علم أنه انحرف يسيرًا؛ فلينحرف الى القبلة ويبني. ذكره في «تهذيب المدونة». ومذهب أحمد: أنَّ ما بين المشرق والمغرب قبلة، لم تختلف نصوصه في ذلك، ولم يذكر المتقدمون من أصحابه فيه خلافًا، وإنما ذكره القاضي أبو يعلى ومن بعده، وأخذوه من لفظ له محتمل، ليس بنص ولا ظاهر، والمحتمل يعرض على كلامه الصريح، ويحمل عليه، ولا يعد مخالفًا له بمجرد احتمال بعيد، ولكن الشافعي له قولان في المسألة، وأما أحمد فلم يختلف قوله في ذلك، وقد صرح بمخالفة الشافعي فيه. قال أحمد في رواية جعفر بن محمد: بين المشرق والمغرب قبلة، ولا يبالي مغرب الصيف ولا مغرب الشتاء، إذا صلى بينهما فصلاته صحيحة جائزة، إلا أنا نستحب أن يتوسط القبلة، ويجعل المغرب عن يمينه، والمشرق عن