واستدلوا بحديث عامر بن ربيعة، وجابر بن عبد الله الَّلذينِ تقدَّما، وهما ضعيفان، وقالوا: إنه قد أتى بما أُمِرَ به، وهو في حالة عدم معرفة القبلة الواجب عليه هو الاجتهاد، قال تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن:١٦]، وهو قد أدَّى ما عليه.
القول الثاني: أنَّ عليه الإعادة؛ لأنَّ الاستقبال شرطٌ، وقد فات، وهو قول الشافعي في قولٍ، وعنه قولٌ كقول الجمهور، وهو قول الطبري.
القول الثالث: أنَّ عليه الإعادة ما دام الوقت باقيًا، وهو قول مالك، والأوزاعي.
والراجح -والله أعلم- هو القول الأول.
قال ابن عبد البر في «التمهيد»: النظر في هذا الباب يشهد أن لا إعادة على من صلى إلى غير القبلة، وكان مجتهدًا لخفاء ناحيتها عليه؛ لأنه قد عمل ما أُمر به، وأدَّى ما افتُرِض عليه من اجتهاده بطلب الدليل على القبلة، حتى حسب أنه مستقبلها، ثم لما صلى بان له خطؤه، وقد كان العلماء مجمعين على أنه قد فعل ما أبيح له فعله، بل ما لَزِمَهُ، ثم اختلفوا في إيجاب القضاء عليه إذا بان له أنه أخطأ القبلة، وإيجاب الإعادة إيجاب فرض، والفرائض لا تثبت إلا بيقين لا مدفع له. انتهى.
وقد رجح عدم الإعادة شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»(٢١/ ٢٢٤). (١)