يتبعض، فافترقا. (١)
[مسألة [٧١]: الوصية إلى رجلين.]
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٨/ ٥٥١): وَيَجُوزُ أَنْ يُوصِيَ إلَى رَجُلَيْنِ مَعًا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَيَجْعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّصَرُّفَ مُنْفَرِدًا، فَيَقُولَ: أَوْصَيْت إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِالتَّصَرُّفِ. لِأَنَّهُ جَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَصِيًّا مُنْفَرِدًا، وَهَذَا يَقْتَضِي تَصَرُّفَهُ عَلَى الِانْفِرَادِ. وَلَهُ أَنْ يُوصِيَ إلَيْهِمَا لِيَتَصَرَّفَا مُجْتَمِعَيْنِ، وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ؛ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ إلَيْهِ، وَلَمْ يَرْضَ بِنَظَرِهِ وَحْدَهُ.
وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ لَا أَعْلَمُ فِيهِمَا خِلَافًا.
وَإِنْ أَطْلَقَ فَقَالَ: أَوْصَيْت إلَيْكُمَا فِي كَذَا. فَلَيْسَ لَأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ: أَبُو يُوسُفَ: لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ وَالْوِلَايَةَ لَا تَتَبَعَّضُ، فَمَلَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الِانْفِرَادَ بِهَا كَالْأَخَوَيْنِ فِي تَزْوِيجِ أُخْتِهِمَا.
قال ابن قدامة: وَلَنَا أَنَّهُ شَرَكَ بَيْنَهُمَا فِي النَّظَرِ؛ فَلَمْ يَكُنْ لَأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ، كَالْوَكِيلَيْنِ. وَمَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ نَقُولُ بِهِ؛ فَإِنَّهُ جَعَلَ الْوِلَايَةَ إلَيْهِمَا بِاجْتِمَاعِهِمَا فَلَيْسَتْ مُتَبَعِّضَةً، كَمَا لَوْ وَكَّلَ وَكِيلَيْنِ، أَوْ صَرَّحَ لِلْوَصِيَّيْنِ بِأَنْ لَا يَتَصَرَّفَا إلَّا مُجْتَمِعَيْنِ، ثُمَّ يَبْطُلُ مَا قَالَهُ بِهَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ. اهـ
(١) انظر: «المغني» (٨/ ٥٥١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute