قال الشيخ: وإنما قلنا إن تقديم الوجه على الكفين هو الأفضل لأمرين:
الأول: رواية تقديم مسح الوجه على الكفين أقوى من رواية تقديم مسح الكفين على الوجه، حتى قال الإمام أحمد -رحمه الله- فيما نقل عنه ابن رجب في «فتح الباري»(٢/ ٩٠): رواية أبي معاوية عن الأعمش في تقديم مسح الكفين على الوجه غلطٌ. كذا قال، وهي في «الصحيحين».
الثاني: أنه ظاهر القرآن في قوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}، فقدم الله تعالى مسح الوجه قبل الأيدي، وفي حديث جابر عند مسلم في صفة حج النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «أبدأ بما بدأ الله به». انتهى بتصرف يسير.
قلتُ: وما رجَّحه الشيخ حفظه الله هو الراجح -والله أعلم-، وهو قول في مذهب أحمد اختاره جماعة من أصحابه كما في «الإنصاف»(١/ ٢٧٤)، وهو اختيار شيخ الإسلام -رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»(٢١/ ٤٢٣ - ٤٢٤، ٤٤٠)، وليس للقول بالوجوب مستند سوى الآية، وغاية ما تفيده هو الاستحباب كما تقدم، وبالله التوفيق.
مسألة [٤]: إذا وجد طينًا، ولم يجد ترابًا، ولا ماءً؟
قال ابن قدامة -رحمه الله-: إذا كان في طينٍ لا يجد ترابًا، فَحُكِي عن ابن عباس أنه قال: يأخذ الطين، ويطلي به جسده، فإذا جفَّ تيمم به، وإن خاف فوات الوقت قبل جفافه، فهو كالعادم. انتهى المراد. «المغني»(١/ ٣٢٧).