للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني: لا يلزم الملتقط شيء، ولا يضمن، وهو قول بعض الحنابلة، وبعض المالكية، وأبي عبيد، وهو الصحيح؛ لأنه لم يفرط، وقد فعل ما أُمر به. (١)

[مسألة [٢٠]: هل للملتقط أن يدفعها إلى من ادعاها بدون وصف ولا بينة؟]

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٨/ ٣١٢): وَلَوْ جَاءَ مُدَّعٍ لِلُقَطَةٍ، فَلَمْ يَصِفْهَا، وَلَا أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ؛ لَمْ يَجُزْ دَفْعُهَا إلَيْهِ، سَوَاءٌ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ أَوْ كَذِبُهُ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ، فَلَمْ يَجُزْ دَفْعُهَا إلَى مَنْ لَمْ يُثْبِتْ أَنَّهُ صَاحِبُهَا، كَالْوَدِيعَةِ؛ فَإِنْ دَفَعَهَا، فَجَاءَ آخَرُ فَوَصَفَهَا، أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً؛ لَزِمَ الْوَاصِفَ (٢) غَرَامَتُهَا لَهُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهَا عَلَى مَالِكِهَا بِتَفْرِيطِهِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى مُدَّعِيهَا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ، وَلِصَاحِبِهَا تَضْمِينُ آخِذِهَا، فَإِذَا ضَمَّنَهُ؛ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ. وَإِنْ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَدَّعِيهَا؛ فَلِلْمُلْتَقِطِ مُطَالَبَةُ آخِذِهَا بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ مَجِيءَ صَاحِبِهَا، فَيُغَرِّمُهُ إيَّاهَا، وَلِأَنَّهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ، فَمَلَكَ أَخْذَهَا مِنْ غَاصِبِهَا، كَالْوَدِيعَةِ. اهـ (٣)

[مسألة [٢١]: اللقطة في أثناء الحول أمانة في يد الملتقط.]

اللقطة في الحول أمانة في يد الملتقط بلا خلاف بين أهل العلم؛ فإن تلفت بغير تفريطه؛ فلا ضمان عليه كالوديعة، ومتى جاء صاحبها أخذها بزيادتها المتصلة والمنفصلة؛ لأنها نماء ملكه، وإن أتلفها الملتقط، أو تلفت بتفريطه؛ ضمنها بمثلها إن كانت من ذوات الأمثال، وبقيمتها إن لم يكن لها مثل، قال ابن


(١) انظر: «المغني» (٨/ ٣١١).
(٢) كذا وقع في المغني، ولعل الصواب: (المُلتقطَ).
(٣) وانظر: «البيان» (٨/ ٥٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>