للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكأنه لم تبلغه الأدلة في ذلك. (١)

[مسألة [٣]: متى يحصل الوقف ويلزم؟]

• أكثر أهل العلم على أنَّ الوقف يلزم باللفظ مع النية، ولا يشترط إخراجه عن يده، وهذا قول مالك، والشافعي، وأحمد، وأبي يوسف وغيرهم، واستدلوا بحديث عمر -رضي الله عنه- أنه وقف أرضه، وصحَّ عنه أنه هو الذي وليها حتى مات.

• وذهب محمد بن الحسن، وأحمد في رواية إلى أنَّ الوقف لا يلزم إلا بقبضه كالصدقة والهبة.

والأول أقرب؛ لأنه تبرع يمنع البيع، والهبة والميراث؛ فلزم بمجرده لشبهه بالعتق، ويفارق الهبة؛ فإنها تمليك مطلق، والوقف تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة فهو بالعتق أشبه، فإلحاقه به أولى وحديث عمر ظاهر في ذلك، والله أعلم.

• وأما أبو حنيفة فشذَّ، وقال: الوقف ليس بلازم، بل له الرجوع فيه متى شاء؛ إلا أن يوقفه عن وصية. وليس له دليل على ما قال، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «العَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» متفق عليه عن ابن عباس، وفي رواية للبخاري: «لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ، الَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ كَالكَلْبِ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ»، وبالله التوفيق. (٢)


(١) انظر: «المغني» (٨/ ١٨٥) «سنن الترمذي» (١٣٧٥) «البيان» (٨/ ٥٨ - ) «السيل الجرار» (٣/ ٣١٣ - ٣١٤).
(٢) انظر: «الفتح» [كتاب الوصايا باب: ١٣] «المغني» (٨/ ١٨٧) «البيان» (٨/ ٥٧) «مجموع الفتاوى» (٦/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>