للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المسائل والأحكام المستفادة من الحديث

[مسألة [١]: بيع العينة.]

صورتها المشهورة عند أهل العلم: أن يبيع السلعة بثمن مؤجل، ثم يشتريها بأقل مما باعها بثمنٍ حاضر ونقدٍ.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٦/ ٢٦٠): مَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِأَقَلَّ مِنْهُ نَقْدًا؛ لَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَبِهِ قَالَ أَبُو الزِّنَادِ، وَرَبِيعَةُ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَأَجَازَهُ الشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهُ ثَمَنٌ يَجُوزُ بَيْعُهَا بِهِ مِنْ غَيْرِ بَائِعِهَا، فَجَازَ مِنْ بَائِعِهَا، كَمَا لَوْ بَاعَهَا بِمِثْلِ ثَمَنِهَا. وَلَنَا مَا رَوَى غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، عَنْ امْرَأَتِهِ الْعَالِيَةِ بِنْتِ أَيْفَعَ بْنِ شُرَحْبِيلَ أَنَّهَا قَالَتْ: دَخَلْت أَنَا وَأُمُّ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَامْرَأَتُهُ عَلَى عَائِشَةَ -رضي الله عنها-، فَقَالَتْ أُمُّ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: إنِّي بِعْت غُلَامًا مِنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى الْعَطَاءِ، ثُمَّ اشْتَرَيْته مِنْهُ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ. فَقَالَتْ لَهَا: بِئْسَ مَا شَرَيْت، وَبِئْسَ مَا اشْتَرَيْت أَبْلِغِي زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ: أَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إلَّا أَنْ يَتُوبَ. رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَقُولُ مِثْلَ هَذَا التَّغْلِيظِ وَتُقْدِمُ عَلَيْهِ، إلَّا بِتَوْقِيفٍ سَمِعَتْهُ مِنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَجَرَى مَجْرَى رِوَايَتِهَا ذَلِكَ عَنْهُ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إلَى الرِّبَا؛ فَإِنَّهُ يُدْخِلُ السِّلْعَةَ، لِيَسْتَبِيحَ بَيْعَ أَلْفٍ بِخَمْسِمِائَةٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ. وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَالَ: أَرَى مِائَةً بِخَمْسِينَ بَيْنَهُمَا حَرِيرَةٌ. يَعْنِي خِرْقَةَ حَرِيرٍ جَعَلَاهَا فِي بَيْعِهِمَا، وَالذَّرَائِعُ مُعْتَبَرَةٌ لِمَا قَدَّمْنَاه. اهـ

قال أبو عبد الله غفر الله له: أثر ابن عباس -رضي الله عنهما- صحيح، أخرجه وكيع كما في «الجوهر النقي» للتركماني (٥/ ٣٣١)، وعبد الرزاق (٨/ ١٨٧)، من طريقين عن سليمان التيمي عن حيان بن عمير القيسي عن ابن عباس بمعناه، وهذا إسناد صحيح.

وأما أثر عائشة مع زيد بن أرقم، فأخرجه عبد الرزاق (٨/ ١٨٤ - ١٨٥)، والبيهقي (٥/ ٣٣١)، وفي إسناده: العالية بنت أيفع، وهي مجهولة الحال؛ ولكن لا بأس بقبول ما روته ههنا.

قال ابن القيم -رحمه الله- كما في «تهذيب السنن» (٥/ ١٠٥)، وأما العالية فهي امرأة

<<  <  ج: ص:  >  >>