قال: فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ، فَتَلِفَتْ؛ ضَمِنَهَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا؛ لِكَوْنِهِ أَمْسَكَ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِفِعْلٍ مُحَرَّمٍ؛ فَأَشْبَهَ الْغَاصِبَ.
قال: فَأَمَّا إنْ طَلَبِهَا فِي وَقْتٍ لَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهَا إلَيْهِ؛ لِبُعْدِهَا، أَوْ لِمَخَافَةٍ فِي طَرِيقِهَا، أَوْ لِلْعَجْزِ عَنْ حَمْلِهَا، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؛ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا بِتَرْكِ تَسْلِيمِهَا؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا. وَإِنْ تَلِفَتْ؛ لَمْ يَضْمَنْهَا؛ لِعَدَمِ عُدْوَانِهِ.
قال: وَإِنْ قَالَ: أَمْهِلُونِي حَتَّى أَقْضِيَ صَلَاتِي، أَوْ آكُلَ؛ فَإِنِّي جَائِعٌ. أَوْ أَنَامَ؛ فَإِنِّي نَاعِسٌ. أَوْ يَنْهَضِمَ عَنِّي الطَّعَامُ؛ فَإِنِّي مُمْتَلِئٌ. أُمْهِلَ بِقَدْرِ ذَلِكَ. اهـ
مسألة [١٥]: إن مات المودَع وعليه وديعة، ولم توجد بعينها؟
• مذهب الجمهور أنَّ المودِع يُعطَى وديعته من التركة؛ فإن ازدحمت الديون على التركة؛ فيكون مع بقية الغرماء أسوة؛ لأنَّ كل ذلك حقوق واجبة عليه حلت بموته.
• وقال النخعي: الأمانة قبل الدين، وقال الحارث العُكُلِّي: الدين قبل الأمانة.
والصحيح قول الجمهور. (١)
مسألة [١٦]: إذا ادُّعِي على رجل وديعة فأنكر، ثم أقرَّ وادَّعى التلف؟
إذا ادُّعِي على رجل وديعة، فأنكر؛ فالقول قوله مع يمينه؛ فإن جاء المدعي بالبينة؛ لزم المنكر ضمان الوديعة؛ فإن قال بعد أن أنكر: (نعم، أودعني، ولكن
(١) انظر «المغني» (٩/ ٢٧٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute