إذا لم يكن لها عصبة آخرون؛ زوَّجها الحاكم بالاتفاق، واختلفوا إذا كان لها عصبة من يزوجها؟
• فمنهم من قال: يقدم الحاكم على العصبة الآخرين، وهو قول الشافعي، وأحمد في رواية، وقال به شريح؛ لحديث:«فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له»، ولأنَّ ذلك حقٌّ عليه امتنع من أدائه؛ فقام الحاكم مقامه، كما لو كان عليه دين فامتنع من قضائه.
• وذهب جماعةٌ آخرون إلى أنَّ وليها العصبة الذي يليه، وهو مذهب أحمد، والمشهور عن أبي حنيفة؛ لأنَّ التزويج تعذر من جهة الأقرب، فملكه الأبعد، كما لو جُنَّ، ولأنه يفسق بالعضل، فتنتقل الولاية عنه كما لو شرب الخمر؛ فإن عضل الأولياء كلهم؛ زوَّج الحاكم، والحديث المذكور حجة لهؤلاء؛ لقوله:«السلطان ولي من لا ولي له»، وهذه لها ولي، ويمكن حمله على ما إذا عضل الكل؛ لأن قوله:«فإن اشتجروا» ضمير جمع يتناول الكل.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: وَالْوِلَايَةُ تُخَالِفُ الدَّيْنَ مِنْ وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهَا حَقٌّ لِلْوَلِيِّ، وَالدَّيْنُ حَقٌّ عَلَيْهِ. الثَّانِي: أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ، وَالْوِلَايَةُ تَنْتَقِلُ لِعَارِضٍ مِنْ جُنُونِ الْوَلِيِّ، أَوْ فِسْقِهِ، أَوْ مَوْتِهِ. الثَّالِثُ: أَنَّ الدَّيْنَ لَا يُعْتَبَرُ فِي بَقَائِهِ الْعَدَالَةُ، وَالْوِلَايَةُ يُعْتَبَرُ لَهَا ذَلِكَ. اهـ، يعني عند جماعة من أهل العلم.