يَمْلِكْ ذَلِكَ لَأُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: أَحَدهَا: أنَّ الرِّبْحَ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ الْمَالِ، فَلَا يَأْمَنُ الْخُسْرَانَ الَّذِي يَكُونُ هَذَا الرِّبْحُ جَابِرًا لَهُ، فَيَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَكُونَ رِبْحًا. وَالثَّانِي: أَنَّ رَبَّ الْمَالِ شَرِيكُهُ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مُقَاسَمَةُ نَفْسِهِ. الثَّالِث: أَنَّ مِلْكَهُ عَلَيْهِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ؛ لِأَنَّهُ بِعَرْضِ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ يَدِهِ بِجُبْرَانِ خَسَارَةِ الْمَالِ. وَإِنْ أَذِنَ رَبُّ الْمَالِ فِي أَخْذِ شَيْءٍ؛ جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا، لَا يَخْرُجُ عَنْهُمَا. اهـ (١)
[مسألة [٢٧]: إذا تعجلا قسمة الربح قبل الانتهاء من التجارة؟]
قال أبو محمد بن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٧/ ١٧٢): وَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ الرِّبْحِ دُونَ رَأْسِ الْمَالِ، وَأَبَى الْآخَرُ؛ قُدِّمَ قَوْلُ الْمُمْتَنِعِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ رَبَّ الْمَالِ، فَلِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ الْخُسْرَانَ فِي رَأْسِ الْمَالِ، فَيَجْبُرُهُ بِالرِّبْحِ، وَإِنْ كَانَ الْعَامِلَ؛ فَإِنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَلْزَمَهُ رَدُّ مَا أَخَذَ فِي وَقْتٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ. وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ؛ جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا، وَسَوَاءٌ اتَّفَقَا عَلَى قِسْمَةِ جَمِيعِهِ أَوْ بَعْضِهِ، أَوْ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْئًا مَعْلُومًا يُنْفِقُهُ. ثُمَّ مَتَى ظَهَرَ فِي الْمَالِ خُسْرَانٌ، أَوْ تَلِفَ كُلُّهُ؛ لَزِمَ الْعَامِلَ رَدُّ أَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِمَّا أَخَذَهُ، أَوْ نِصْفِ خُسْرَانِ الْمَالِ، إذَا اقْتَسَمَا الرِّبْحَ نِصْفَيْنِ، وَبِهَذَا قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رَبُّ الْمَالِ مَالَهُ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: إذَا اقْتَسَمَا الرِّبْحَ، وَلَمْ يَقْبِضْ رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ، فَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: يَرُدُّ الْعَامِلُ الرِّبْحَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رَبُّ الْمَالِ مَالَهُ.
(١) انظر: «المغني» (٧/ ١٧١ - ١٧٢) «بداية المجتهد» (٤/ ٢٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute