للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المسائل والأحكام المستفادة من الحديث

[مسألة [١]: الإنابة في الحج للعاجز عن الحج بنفسه.]

دلَّ حديث الباب على أنَّ من كان مستطيعًا الحج بالزاد والراحلة، ولم يكن مستطيعًا بنفسه أنه يجب عليه أن ينوب غيره بالحج، وهذا قول جمهور العلماء.

• وخالف مالك فقال: لا يجب عليه الحج؛ لأنه غير مستطيع، وأجاب عن الحديث بأنَّ المرأة فعلت ذلك تطوعًا منها لأبيها، وقال: ليس في الحديث إيجاب الإنابة.

وأجاب عليه الجمهور: بأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أقرَّ المرأة بقولها: فريضة الله أدركت أبي. فكانت تسأل: أيجزئ أن تؤدي عن أبيها هذه الفريضة؟ ويؤيد ذلك رواية مسلم: إنَّ أبي شيخ كبير عليه فريضة الله في الحج.

والصواب هو قول الجمهور، والله أعلم. (١)

مسألة [٢]: إذا نوَّبَ العاجزُ غيره ثم أطاق الحج بعد ذلك؟

• ذهب الشافعي، وأبو حنيفة وأصحابهما وعزاه الحافظ للجمهور أنَّ ذلك الحج لا يجزئه عن حجة الإسلام، ويجب عليه أن يحج حجةً أخرى؛ لأنه تبين أنه لم يكن ميؤوسًا منه.

• وذهب أحمد، وإسحاق، والظاهرية إلى أنه تُجْزِئه تلك الحجة عن حجة الإسلام؛ لأنه قد فعل ما يستطيعه في ذلك الحال.

قال ابن حزمٍ -رحمه الله-: ولو كان ذلك عائدًا؛ لبيَّنَ -عليه السلام-، إذ قد يقوى الشيخ فيطيق الركوب؛ فإذ لم يخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك؛ فلا يجوز عودة الفرض عليه بعد صحة تأديته عنه. اهـ

وهذا القول أقرب، وهو اختيار الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-. (٢)

مسألة [٣]: هل يجوز لمن يستطيع الحج بنفسه أن يُنيب غيره؟

قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: ونقل ابن المنذر وغيره الإجماع على أنه لا يجوز أن يستنيب من يقدر على الحج بنفسه في الحج الواجب، وأما النفل فيجوز عند أبي حنيفة خلافًا للشافعي، وعن أحمد روايتان. اهـ

قلتُ: والصواب أنه لا يجوز أن يُنيب غيره حتى في النفل؛ لعدم وجود دليل على ذلك. (٣)


(١) انظر: «المغني» (٥/ ١٩)، «الفتح» (١٨٥٣)، «المحلَّى» (٨١٥).
(٢) انظر: «المغني» (٥/ ٢١)، «الفتح» (١٥١٣)، «المحلَّى» (٨١٦).
(٣) انظر: «المغني» (٥/ ٢٢)، «المجموع» (٧/ ١١٦)، «الفتح» (١٨٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>