للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والثوري وغيرهم.

• وقال أبو حنيفة، وأبو يوسف: إن كان تزوجهن في عقد؛ انفسخ نكاح جميعهن، وإن كان في عقود؛ فنكاح الأوائل صحيح، ونكاح ما زاد على أربع باطل؛ لأنَّ العقد إذا تناول أكثر من أربع فتحريمه من طريق الجمع؛ فلا يكون فيه مُخيَّرًا بعد الإسلام كما لو تزوجت المرأة زوجين في حال الكفر ثم أسلموا.

وأُجيب: بأنَّ قياسهم مخالف للحديث الوارد، ولأنَّ أنكحة الكفار لا يُشترط فيها أن تكون على شروط العقد عند المسلمين كما تقدم تقريره، وأما تزوج المرأة بزوجين؛ فإنَّ نكاح الثاني باطل؛ لأنها ملكته ملك غيرها، وإن جمعت بينهما؛ لم يصح؛ لأنها لم تملكه جميع بضعها، ولأنَّ ذلك ليس بشائع عند أحد من أهل الأديان، ولأنَّ المرأة ليس لها اختيار النكاح وفسخه، بخلاف الرجل. انتهى ملخصًا من «المغني» (١٠/ ١٤ - ١٥). (١)

مسألة [٣]: إذا أبى أن يختار منهن أربعًا؟

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (١٠/ ١٥): فَإِنْ أَبَى؛ أُجْبِرَ بِالْحَبْسِ، وَالتَّعْزِيرِ إلَى أَنْ يَخْتَارَ؛ لِأَنَّ هَذَا حَقٌّ عَلَيْهِ يُمْكِنُهُ إيفَاؤُهُ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْهُ، فَأُجْبِرَ عَلَيْهِ، كَإِيفَاءِ الدَّيْنِ، وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَخْتَارَ عَنْهُ، كَمَا يُطَلِّقُ عَلَى الْمُولِي إذَا امْتَنَعَ مِنْ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ هَاهُنَا لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَإِنَّمَا تَتَعَيَّنُ الزَّوْجَاتُ بِاخْتِيَارِهِ وَشَهْوَتِهِ، وَذَلِكَ لَا يَعْرِفُهُ الْحَاكِمُ؛ فَيَنُوبُ عَنْهُ فِيهِ، بِخِلَافِ الْمُولِي؛ فَإِنَّ الْحَقَّ


(١) وانظر: «الزاد» (٥/ ١١٥) «أعلام الموقعين» (٢/ ٣٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>