للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مسألة [٢٦]: رهن المصحف.]

قال أبو محمد بن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٦/ ٤٦٢): وَفِي رَهْنِ الْمُصْحَفِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا: لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الرَّهْنِ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِبَيْعِهِ، وَبَيْعُهُ غَيْرُ جَائِزٍ. وَالثَّانِيَةُ: يَصِحُّ رَهْنُهُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْي؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ فَصَحَّ رَهْنُهُ كَغَيْرِهِ. اهـ (١)

قلتُ: المسألة مبنية على بيع المصحف، والراجح هو الجواز؛ لأنه يبيع الورق، والحبر، والعمل، ولا يبيع كلام الله، وعلى هذا فيجوز رهنه، والله أعلم.

والقول بجواز بيعه هو مذهب مالك، والشافعي، وهو قول الشعبي، والحسن، والحكم، وعكرمة، وقال به الظاهرية.

وممن رُوي عنه منع بيعه وكراهته: شريح، ومسروق، وعلقمة، وابن سيرين، والنخعي، وسعيد بن جبير، وقتادة، وأحمد، وإسحاق، وثبت عن ابن عمر -رضي الله عنهما- المنع من بيعها، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما-، كراهة بيعها، والترخيص بشرائها.

وعن أحمد وإسحاق: لا بأس بشراء المصاحف، وعدم الترخيص ببيعها.

وقد رجَّح الإمام ابن باز -رحمه الله-، والإمام العثيمين -رحمه الله-، والإمام الوادعي -رحمه الله- جواز بيعه، وهو الصحيح؛ لعدم وجود دليل يمنع من ذلك، والله أعلم. (٢)


(١) وانظر: «الإنصاف» (٥/ ١٣٠ - ١٣١).
(٢) انظر: «المغني» (٦/ ٣٦٧) «الشرح الممتع» (٨/ ١٣٣ - ) «مصنف ابن أبي شيبة» (٦/ ٦٠ - ) «السنن الكبرى» (٦/ ١٦) «المحلى» (١٥٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>