للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثانية: أن تصل إلى الفم، ثم يبتلعها، ففيه قولان:

أحدهما: المشهور عند الحنابلة وهو مذهب الشافعية أنه يفطر، وقال به خليل المالكي، وهو ظاهر ترجيح الإمام ابن باز -رحمه الله- حيث قال: ولا يجوز للصائم بلعها؛ لإمكان التحرز منها، وليست مثل الريق.

ثانيهما: رواية عن أحمد نصرها ابن عقيل الحنبلي، وهو وجهٌ شاذٌّ عند الشافعية، أنه لا يعد مفطرًا، وهو مذهب الحنفية، والمالكية، وهو ترجيح شيخنا مقبل بن هادي، والشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليهما؛ لأنها لم تخرج من الفم؛ فأشبهت الريق، ولا يُعدُّ بلعها أكلًا، ولا شربًا، وهذا القول هو الراجح -والله أعلم- لأنَّ الأصل صحة الصوم، ولا يحكم بفساده إلا بدليل صحيح صريح. (١)

[مسألة [٩]: من تمضمض، أو استنشق، فغلبه الماء، فدخل جوفه؟]

• ذهب أحمد، وإسحاق، وأبو ثور إلى أنه لا يبطل صومه، وهو قول الحسن البصري، وترجيح ابن حزم، واستدلوا بقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:٥] وبالحديث: «إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان» وهو مُعَلٌّ (٢) وهذا هو ظاهر ترجيح البخاري، ورجَّحه الإمام ابن عثيمين، وهو الراجح، والله أعلم.


(١) انظر: «المغني» (٤/ ٣٥٥)، «المجموع» (٦/ ٣١٨ - ٣١٩) «شرح كتاب الصيام من العمدة» (١/ ٤٧٦)، «فتاوى رمضان» (٢/ ٥٢٦)، «الشرح الممتع» (٦/ ٤٢٨)، «الدر المختار» (٢/ ٤٠٠)، «التاج الإكليل لمختصر خليل» (٢/ ٤٢٦)، «الموسوعة» (٢٨/ ٦٥).
(٢) انظر تخريجه في «جامع العلوم والحكم» رقم (٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>