للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يجيزون للمستأجر الفسخ إذا حصل له عذر في نفسه، مثل أن يكتري جملًا ليحج عليه فيمرض، أو تضيع نفقته، أو يكتري دكانًا للبزِّ فيحترق متاعه؛ لأنَّ هذا العذر يتعذر معه استيفاء المنفعة، أشبه ما لو تلفت العين المستأجرة، أو منع منها، وهو ظاهر اختيار ابن حزم -رحمه الله-، ورجَّح هذا الإمام ابن عثيمين -رحمه الله-، وعزاه لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.

وعمدة الجمهور هو قول الله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:١]، وهذا عقدٌ على معاوضةٍ؛ فلم ينفسخ كالبيع. قالوا: ويمكنه أن يؤجره، أو ينتفع به في شيء آخر، والله أعلم.

قال أبو عبد الله غفر الله له: الصحيح قول الجمهور، وينبغي للمؤجر أن يفسخ العقد إذا علم أنَّ المستأجر لا يستطيع الانتفاع بالعين المؤجرة، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:٢]، ولا يبعد عن الصواب إلزام المؤجر بفسخ الإجارة إذا لم يكن عليه ضرر، وعليه يحمل قول شيخ الإسلام رحمه الله، ومن قال بقوله، والله أعلى وأعلم. (١)

[مسألة [٢٤]: إذا ترك المستأجر العين المستأجرة قبل انقضاء المدة؟]

قال أبو محمد بن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٨/ ٢٣): الْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ يَقْتَضِي تَمْلِيكَ الْمُؤَجِّرِ الْأَجْرَ، وَالْمُسْتَأْجِرِ الْمُنَافِعَ، فَإِذَا فَسَخَ الْمُسْتَأْجِرُ


(١) انظر: «المغني» (٨/ ٢٢ - ٢٣) «البداية» (٤/ ١٦ - ) «المحلى» (١٢٩٢) «الشرح الممتع» (١٠/ ٧٢ - ).

<<  <  ج: ص:  >  >>