• ومنهم من لم يقل بالتتريب؛ لاضطراب الروايات فيه كذا زعم وقد تقدم أنَّ الروايات ليست مضطربة، بل بعضها راجح، والأخرى مرجوحة. (١)
[مسألة [٥]: موقع التتريب.]
قال الإمام النووي -رحمه الله- في «شرح مسلم»(٢٧٩)، بعد أن ذكر اختلاف الروايات: وفيها دليل على أنَّ التقييد بالأُولى، وبغيرها ليس على الاشتراط، بل المراد إحداهن، وأما رواية:«وعَفِّروه الثامنة بالتراب»، فمذهبنا، ومذهب الجماهير أنَّ المراد: اغسلوه سبعًا، واحدة منهن بالتراب، مع الماء، فكأن التراب قائم مقام غسلة، فسميت غسلة لهذا، والله أعلم. انتهى
قال أبو عبد الله غفر الله لهُ: تقدم أنَّ الراجح من الروايات هي رواية: «أولاهن»، فالأَولى أن يجعل التتريب في الأُولى، ولكنه ليس على الاشتراط فيما يظهر، كما قال النووي؛ لحديث عبد الله بن مغفل في «صحيح مسلم»(٢٨٠)، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال:«إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فاغسلوه سبعًا، وعفروه الثامنة بالتراب»، ولكن تأويل النووي لرواية:«وعفروه الثامنة بالتراب»، فيه نوع من التكلف، والتعسف.
وقد أشار إلى ذلك ابن دقيق العيد، فقال في «شرحه للعمدة»(١/ ٢٩): إنه قال بها الحسن البصري، وقيل: لم يقل بها غيره، ولعله يراد بذلك من المتقدمين، والحديث قوي فيها، ومن لم يقل به احتاج إلى تأويله بوجهٍ فيه استكراه.