٦١٩ - وَعَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا أَنْفَقَتِ المَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا، غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، كَانَ لَهَا أَجْرُهَا بِمَا أَنْفَقَتْ وَلِزَوْجِهَا أَجْرُهُ بِمَا اكْتَسَبَ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، لَا يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ شَيْئًا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (١)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
[مسألة [١]: ما حكم إنفاق المرأة من مال زوجها، والعبد من مال سيده؟]
قال النووي -رحمه الله- في شرح الحديث: وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدّ لِلْعَامِلِ -وَهُوَ الْخَازِن- وَلِلزَّوْجَةِ وَالْمَمْلُوك مِنْ إِذْن الْمَالِك فِي ذَلِكَ؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِذْنٌ أَصْلًا فَلَا أَجْر لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة، بَلْ عَلَيْهِمْ وِزْر بِتَصَرُّفِهِمْ فِي مَال غَيْرهمْ بِغَيْرِ إِذْنه. وَالْإِذْن ضَرْبَانِ:
أَحَدهمَا: الْإِذْن الصَّرِيح فِي النَّفَقَة وَالصَّدَقَة.
وَالثَّانِي: الْإِذْن الْمَفْهُوم مِنْ اِطِّرَاد الْعُرْف وَالْعَادَة، كَإِعْطَاءِ السَّائِل كِسْرَة وَنَحْوهَا مِمَّا جَرَتْ الْعَادَة بِهِ وَاطَّرَدَ الْعُرْف فِيهِ، وَعُلِمَ بِالْعُرْفِ رِضَاء الزَّوْج وَالْمَالِك بِهِ، فَإِذْنه فِي ذَلِكَ حَاصِل وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّم، وَهَذَا إِذَا عَلِمَ رِضَاهُ لِاطِّرَادِ الْعُرْف، وَعَلِمَ أَنَّ نَفْسه كَنُفُوسِ غَالِب النَّاس فِي السَّمَاحَة بِذَلِكَ وَالرِّضَا بِهِ؛ فَإِنْ اِضْطَرَبَ الْعُرْف وَشَكَّ فِي رِضَاهُ، أَوْ كَانَ شَخْصًا يَشُحّ بِذَلِكَ وَعَلِمَ مِنْ حَاله ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِيهِ؛ لَمْ يَجُزْ لِلْمَرْأَةِ وَغَيْرهَا التَّصَدُّق مِنْ مَاله إِلَّا بِصَرِيحِ إِذْنه.
ثم قال: وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - يعني في حديث أبي هريرة-: «وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ كَسْبه
(١) أخرجه البخاري (١٤٢٥)، ومسلم (١٠٢٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute