للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا: يَرْجِعُ بِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْخِرَقِيِّ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ يُتْلِفَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَإِذَا غَرِمَ عِوَضَهُ رَجَعَ بِهِ، كَبَدَلِ الْوَلَدِ، وَنَقْصِ الْوِلَادَةِ. وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. وَالثَّانِيَةُ: لَا يَرْجِعُ بِهِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ، وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ غَرِمَ مَا اسْتَوْفَى بَدَلَهُ، فَلَا يَرْجِعُ بِهِ، كَقِيمَةِ الْجَارِيَةِ، وَبَدَلِ أَجْزَائِهَا. وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي لِلشَّافِعِيِّ، وَإِنْ رَجَعَ بِذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى الْغَاصِبِ، فَكُلُّ مَا لَوْ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ، إذَا رَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ رَجَعَ بِهِ الْغَاصِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي. وَكُلُّ مَا لَوْ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ رَجَعَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ إذَا غَرِمَهُ الْغَاصِبُ، لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي. وَمَتَى رَدَّهَا حَامِلًا، فَمَاتَتْ مِنْ الْوَضْعِ؛ فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَى الْوَاطِئِ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ. اهـ

قلتُ: قول ابن قدامة: (ضَرْبٌ لَا يَرْجِعُ بِهِ، وَهُوَ قِيمَتُهَا إنْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ، وَأَرْشُ بَكَارَتِهَا، وَبَدَلُ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ مَعَ الْبَائِعِ عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لِذَلِكَ بِالثَّمَنِ، فَإِذَا ضَمِنَهُ؛ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ). الصحيح أن أرش البكارة، والمهر يرجع به على الغاصب؛ لأنه غره، والله أعلم.

مسألة [٢١]: إذا غصب طعامًا وأطعمه غيره؟

قال أبو محمد بن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٧/ ٤١٨): إذَا غَصَبَ طَعَامًا، فَأَطْعَمَهُ غَيْرَهُ؛ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ أَيِّهِمَا شَاءَ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ، وَالْآكِلُ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَقَبَضَهُ عَنْ يَدِ ضَامِنِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ؛ فَإِنْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>