للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يصح كل واحدٍ منهما منفردًا؛ فصح جمعهما، كما لو باعه ثوبين؛ فإن قال: زوجتك، ولك هذا الألف بألفين. لم يصح؛ لأنه كمسألة مد عجوة. وقالوا: النكاح يغتفر فيه من الجهالة ما لا يغتفر في البيع، وهذا القول هو الراجح، وللمرأة مهر المثل، والباقي قيمة للعبد. (١)

[مسألة [٣٩]: إن تزوجها على طلاق امرأة له أخرى؟]

• قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (١٠/ ١٧٧ - ١٧٨): وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى طَلَاقِ امْرَأَةٍ لَهُ أُخْرَى؛ لَمْ تَصِحَّ التَّسْمِيَةُ، وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا. وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ، وَقَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَالٍ، وَإِنَّمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء:٢٤]، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَا تَسْأَلُ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتُكْفِئَ مَا فِي صَحْفَتِهَا، وَلِتَنْكِحَ، فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا» (٢)؛ وَلِأَنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ ثَمَنًا فِي بَيْعٍ، وَلَا أَجْرًا فِي إجَارَةٍ؛ فَلَمْ يَصِحَّ صَدَاقًا، كَالْمَنَافِعِ الْمُحَرَّمَةِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا لَوْ أَصْدَقَهَا خَمْرًا وَنَحْوَهُ، يَكُونُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، أَوْ نِصْفُهُ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ الْمُتْعَةِ عِنْدَ مَنْ يُوجِبُهَا فِي التَّسْمِيَةِ الْفَاسِدَةِ.

قال: وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ فِعْلًا لَهَا فِيهِ نَفْعٌ وَفَائِدَةٌ لِمَا يَحْصُلُ لَهَا مِنْ الرَّاحَةِ بِطَلَاقِهَا مِنْ مُقَاسَمَتِهَا، وَضَرَرِهَا، وَالْغَيْرَةِ مِنْهَا، فَصَحَّ صَدَاقًا، كَعِتْقِ أَبِيهَا، وَخِيَاطَةِ قَمِيصِهَا. اهـ


(١) انظر: «المغني» (١٠/ ١٧٦) «البداية» (٣/ ٦٣).
(٢) أخرجه البخاري برقم (٥١٥٢)، ومسلم (١٤٠٨)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>