قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في «أعلام الموقعين»(١/ ٣٠٩ - ): وقالت الحنابلة والشافعية: لو تزوجها على أن يحج بها لم تصح التسمية، ووجب مهر المثل، وقاسوا هذه التسمية على ما إذا تزوجها على شيء لا يدرى ما هو.
ثم قالت الشافعية: لو تزوج الكتابية على أن يعلمها القرآن جاز، وقاسوه على جواز إسماعها إياه، فقاسوا أبعد قياس، وتركوا محض القياس، فإنهم صرحوا بأنه لو استأجرها ليحملها إلى الحج جاز، ونزلت الإجارة على العرف، فكيف صح أن يكون مورد العقد الإجارة ولا يصح أن يكون صداقا؟
ثم ناقضتم أبين مناقضة، فقلتم: لو تزوجها على أن يرد عبدها الآبق من مكان كذا وكذا صح مع أنه قد يقدر على رده وقد يعجز عنه؟ فالغرر الذي في هذا الأمر أعظم من الغرر الذي في حملها إلى الحج بكثير.
وقلتم: لو تزوجها على أن يعلمها القرآن أو بعضه صح. وقد تقبل التعليم وقد لا تقبله، وقد يطاوعها لسانها وقد يأبى عليها.
وقلتم: لو تزوجها على مهر المثل صحت التسمية مع اختلافه لامتناع من يساويها من كل وجه أو لقربه وإن اتفق من يساويها في النسب فنادر جدا من يساويها في الصفات والأحوال التي يقل المهر بسببها ويكثر فالجهالة التي في حجه بها دون هذا بكثير.