للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مسألة [٢٠٥]: قوله في حديث جابر: ثم ركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأفاض إلى البيت.]

هذا الطواف هو طواف الإفاضة، وسُمِّي بذلك؛ لأنه يأتي به عند إفاضته من منى إلى مكة، ويسمَّى طواف الزيارة؛ وسُمِّي بذلك لأنه يأتي من منى فيزور البيت، ولا يقيم بمكة، بل يرجع إلى منى.

قال النووي -رحمه الله-: ويسمَّى طواف الفرض والركن، وسماه بعض أصحابنا طواف الصدر، وأنكره الجمهور، وقالوا: إنما طواف الصدر طواف الوداع، والله أعلم. اهـ (١)

[مسألة [٢٠٦]: حكم طواف الإفاضة.]

قال النووي -رحمه الله- في «شرح مسلم» (٨/ ١٩٢): وهو ركنٌ من أركان الحج بإجماع المسلمين. اهـ

ونقل الإجماع أيضًا ابن عبد البر، وابن قدامة كما في «المغني» (٥/ ٣١١).

ودليل الرُّكنية قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج:٢٩]، وأجمعوا على أنَّ المراد بهذا الأمر هو طواف الإفاضة، وحديث عائشة -رضي الله عنها- في «الصحيحين» (٢) أن صفية -رضي الله عنها- حاضت بعدما أفاضت، فَحُدِّث النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنها حاضت، فقال: «أحابستنا هي»، قالوا: إنها قد أفاضت، قال: «فلا بأس، فلتنفر معكم».

فدل على أنَّ هذا الطواف لابد منه، وأنه حابس لمن لم يأت به، بينما رُخِّص للحائض ترك طواف الوداع؛ لكونه ليس بركن، والله أعلم. (٣)

[مسألة [٢٠٧]: وقت طواف الإفاضة.]

أما وقت الفضيلة: فهو يوم النحر بعد الرمي، والنحر، والحلق؛ لحديث جابر الذي في الكتاب.

وأما وقت الإجزاء: فقال النووي -رحمه الله-: مذهبنا أنَّ أول وقت طواف الإفاضة من نصف ليلة النحر، وآخره آخر عمر الإنسان، وإن بقي خمسين سنة وأكثر، ولا دم عليه في تأخيره، وبه قال أحمد، وقال أبو حنيفة: أوله طلوع الفجر يوم النحر، وآخره اليوم الثاني من أيام التشريق؛ فإنْ أخَّرَه عنه لزم دمٌ، ودليلنا قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}، وهذا قد طاف. اهـ

ونقل ابن قدامة في «المغني» أنَّ أبا حنيفة حدد آخر وقته بأيام النحر؛ فإنْ فعل بعد ذلك أجزأه وعليه دمٌ.

قال ابن قدامة -رحمه الله-: والصحيح أنَّ آخر وقته غير محدود؛ فإنه متى أُتي به صحَّ بغير خلاف، وإنما الخلاف في وجوب الدم. اهـ المراد

قلتُ: قد خالف ابن حزم فقال: من أخر طواف الإفاضة حتى خرجت أشهر الحج؛ فحجُّه باطلٌ؛ لقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة:١٩٧].اهـ

وجزم الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- أنه لا يجوز تأخيره لغير عذر حتى يخرج شهر


(١) وانظر: «المغني» (٥/ ٣١١)، «شرح مسلم» (٨/ ١٩٣).
(٢) أخرجه البخاري برقم (١٧٣٣)، ومسلم برقم (٣٨٦) من [كتاب الحج].
(٣) وانظر: «المغني» (٥/ ٣١١ - ٣١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>