للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• وذهب طائفة من أهل العلم إلى أنه لا يجوز له أن يفعل ذلك في المسجد، قال ابن رجب: وهذا هو أكثر النصوص عن أحمد.

قلتُ: ونصر القولَ الأولَ القاضي عياضٌ، والقولَ الثاني الإمامُ النوويُّ رحمة الله عليهما، واستدل الإمام النووي على ذلك بحديث: «البصاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها»، متفق عليه عن أنس -رضي الله عنه-. (١)

قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في «الفتح» (٤١٥): وهذا يستدل به من يقول: إن البزاق لا يجوز في المسجد مع دفنه، كما لا يجوز لأحد أن يعمل ذنبًا، ويتبعه بما يكفره من الحسنات الماحية. اهـ

قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في «الفتح» (٤١٥): قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: إِنَّمَا يَكُون خَطِيئَة إِذَا لَمْ يَدْفِنهُ، وَأَمَّا مَنْ أَرَادَ دَفْنه، فَلَا. وَرَدَّهُ النَّوَوِيُّ فَقَالَ: هُوَ خِلَافُ صَرِيحِ الْحَدِيثِ.

قال الحافظ -رحمه الله-: قُلْت: وَحَاصِلُ النِّزَاع أَنَّ هُنَا عُمُومَيْنِ تَعَارَضَا، وَهُمَا قَوْله: «الْبُزَاق فِي المَسْجِد خَطِيئَة»، وَقَوْله: «وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَاره أَوْ تَحْت قَدَمه»، فَالنَّوَوِيُّ يَجْعَل الْأَوَّل عَامًّا، وَيَخُصّ الثَّانِي بِمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْجِد، وَالْقَاضِي بِخِلَافِهِ، يَجْعَل الثَّانِي عَامًّا، وَيَخُصّ الْأَوَّل بِمَنْ لَمْ يُرِدْ دَفْنهَا، وَقَدْ وَافَقَ الْقَاضِي جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: اِبْن مَكِّيّ فِي «التَّنْقِيب»، وَالْقُرْطُبِيّ فِي «المُفْهِم»، وَغَيْرهمَا، وَيَشْهَد لَهُمْ مَا رَوَاهُ أَحْمَد بِإِسْنَادٍ حَسَن مِنْ حَدِيث سَعْد بْن أَبِي وَقَّاصٍ مَرْفُوعًا


(١) سيأتي في الكتاب برقم (٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>