للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: «مَنْ تَنَخَّمَ فِي المَسْجِد، فَلْيُغَيِّبْ نُخَامَته أَنْ تُصِيب جِلْد مُؤْمِن أَوْ ثَوْبه فَتُؤْذِيه» (١)، وَأَوْضَحُ مِنْهُ فِي المَقْصُود مَا رَوَاهُ أَحْمَد أَيْضًا، وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَن مِنْ حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا، قَالَ: «مَنْ تَنَخَّعَ فِي المَسْجِد فَلَمْ يَدْفِنهُ فَسَيِّئَةٌ، وَإِنْ دَفَنَهُ فَحَسَنَةٌ» (٢)، فَلَمْ يَجْعَلهُ سَيِّئَة إِلَّا بِقَيْدِ عَدَم الدَّفْن.

وَنَحْوه حَدِيث أَبِي ذَرٍّ عِنْد مُسْلِم مَرْفُوعًا قَالَ: «وَوَجَدْت فِي مَسَاوِئِ أَعْمَال أُمَّتِي النُّخَاعَة تَكُون فِي المَسْجِد لَا تُدْفَن»، قَالَ الْقُرْطُبِيّ: فَلَمْ يُثْبِتْ لَهَا حُكْم السَّيِّئَة لِمُجَرَّدِ إِيقَاعهَا فِي المَسْجِد، بَلْ بِهِ وَبِتَرْكِهَا غَيْر مَدْفُونَة. اِنْتَهَى.

وَرَوَى سَعِيد بْن مَنْصُور عَنْ أَبِي عُبَيْدَة بْن الْجَرَّاح أَنَّهُ تَنَخَّمَ فِي الْمَسْجِد لَيْلَة، فَنَسِيَ أَنْ يَدْفِنهَا حَتَّى رَجَعَ إِلَى مَنْزِله، فَأَخَذَ شُعْلَة مِنْ نَار، ثُمَّ جَاءَ فَطَلَبهَا حَتَّى دَفَنَهَا، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لله الَّذِي لَمْ يَكْتُب عَلَيَّ خَطِيئَة اللَّيْلَة. (٣)

فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْخَطِيئَة تَخْتَصّ بِمَنْ تَرَكَهَا لَا بِمَنْ دَفَنَهَا، وَعِلَّة النَّهْي تُرْشِد إِلَيْهِ، وَهِيَ تَأَذِّي الْمُؤْمِن بِهَا، وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى أَنَّ عُمُومه مَخْصُوص: جَوَاز ذَلِكَ فِي


(١) أخرجه أحمد (١/ ١٧٩)،قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن ابن إسحاق، ويعقوب، حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، حدثني عبد الله بن محمد، قال يعقوب: ابن أبي عتيق عن عامر بن سعد، حدثه عن أبيه سعد به.
وهذا إسناد حسن، وابن إسحاق قد صرح بالسماع.
(٢) أخرجه الطبراني برقم (٨٠٩٢)، وفي إسناده: أبو غالب حزور، الراجح ضعفه، ولا بأس بقبول روايته عن أبي أمامة؛ لأنه أكثر عنه.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ٣٦٦ - ٣٦٧) بإسنادين منقطعين، لا بأس بتحسين الأثر بهما، وليس عنده زيادة: «الحمد لله الذي لم يكتب .... ».

<<  <  ج: ص:  >  >>