الثَّوْب، وَلَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِد، بِلَا خِلَاف، وَعِنْد أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيث عَبْد الله بْن الشِّخِّير، أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، فَبَصَقَ تَحْت قَدَمه الْيُسْرَى، ثُمَّ دَلَكَهُ بِنَعْلِهِ. (١) إِسْنَاده صَحِيح، وَأَصْله فِي «مُسْلِم»، وَالظَّاهِر أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْمَسْجِد، فَيُؤَيِّد مَا تَقَدَّمَ. انتهى.
قلتُ: فالحافظ في هذا البحث يؤيد ما ذهب إليه القاضي عياض.
لكن قال الشوكاني -رحمه الله- في «نيل الأوطار»(٨٥٨): فَيُؤَيِّدُ مَا تَقَدَّمَ وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ النَّوَوِيِّ تَصْرِيحُهُ - صلى الله عليه وسلم - في الْحَدِيثِ الْمتَّفَقِ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْبُزَاقَ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَأَنَّ دَفْنَهَا كَفَّارَةٌ لَهَا؛ فَإِنَّ دَلَالَتَهُ عَلَى كَتْبِ الْخَطِيئَةِ بِمُجَرَّدِ الْبُزَاقِ فِي الْمَسْجِدِ ظَاهِرَةٌ غَايَةَ الظُّهُورِ، وَلَكِنَّهَا تَزُولُ بِالدَّفْنِ وَتَبْقَى بِعَدَمِهِ. انتهى.
قلتُ: الذي قاله النووي، وأيده الشوكاني هو الصواب؛ لأنَّ حديث أنس:«البصاق في المسجد خطيئة» نَصٌّ في ذلك، وتأويله مستبعد، وأما الأدلة التي ساقها الحافظ فدونك بيانها:
فأما حديث سعد بن أبي وقاص:«من تنخم في المسجد؛ فليغيب نخامته»؛ فإنه لا يفيد الجواز؛ لأنَّ الشرط لا يدل على ذلك، كما يقال: من عصى الله، فليستغفره. فليس فيه إباحة للمعصية.
وأما حديث أبي أمامة؛ فاللفظ المذكور لفظ الطبراني، وأما غير الطبراني
(١) أخرجه أبو داود (٤٨٣) بإسناد صحيح، وأصله في «مسلم» برقم (٥٥٤).