للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسبيل الله طاعته وطاعة رسوله؛ فإنَّ الله إنما يثيب العباد على ما أنفقوه فيما يحبه، وأما مالا يحبه؛ فلا ثواب في النفقة عليه، ونفقة الإنسان على نفسه وولده، وزوجته واجبة؛ فلهذا كان الثواب عليها أعظم من الثواب على التطوعات على الأجانب.

قال: وإذا كان كذلك؛ فالمباحات التي لا يثيب الشارع عليها، لا يثيب على الانفاق فيها والوقف عليها، ولا يكون في الوقف عليها منفعة وثواب في الدين، ولا منفعة في الوقف عليها في الدنيا، فالوقف عليها خالٍ من انتفاع الواقف في الدين والدنيا؛ فيكون باطلًا، وهذا ظاهر في الأغنياء، وإن كان قد يكون مُستحبًّا، بل واجبًا، فإنما ذاك إذا أعطوا بسبب غير الغِنَى، من القرابة، والجهاد، والدين ونحو ذلك. الوجه الثاني: أن الوقف يكون فيما يؤبد على الكفار ونحوهم، وفيما يمنع منه التوارث، وهذا لو أن فيه منفعة راجحة وإلا كان يمنع منه الواقف؛ لأنه فيه حبس المال عن أهل المواريث ومن ينتقل إليهم، وهذا مأخذُ من قال: (لا حبس عن فرائض الله)، لكن هذا القول تُرِكَ لقول عمر وغيره، وما في ذلك من المصلحة الراجحة، فأما إذا لم يكن فيه مصلحة راجحة، بل قد حبس المال، فمنعه الوارث وسائر الناس أن ينتفع به، وهو لم ينتفع به؛ فهذا لا يجوز تنفيذه بلا ريب. اهـ بتلخيص يسير. (١)

وهذا القول الذي اختاره شيخ الإسلام عزاه ابن القيم للجمهور كما في «أعلام الموقعين» (١/ ٣١٤). (٢)


(١) وانظر أيضًا (٣١/ ٤٩).
(٢) وانظر: «الإنصاف» (٧/ ١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>