للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى» (٢٢/ ٥١٢ - ٥١٣): وَاسْتَحَبَّ طَائِفَةٌ أُخْرَى مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ الدُّعَاءَ عَقِيبَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَكُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ الدُّعَاءَ لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ، وَمَنْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ؛ فَهُوَ مُخْطِئٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ؛ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِ، لَا أَمْرَ إيجَابٍ وَلَا أَمْرَ اسْتِحْبَابٍ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ، وَالْمُنْكِرُ عَلَى التَّارِكِ أَحَقُّ بِالْإِنْكَارِ مِنْهُ، بَلْ الْفَاعِلُ أَحَقُّ بِالْإِنْكَارِ؛ فَإِنَّ الْمُدَاوَمَةَ عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُدَاوِمُ عَلَيْهِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ لَيْسَ مَشْرُوعًا؛ بَلْ مَكْرُوهٌ.

ثم قال: وَلَوْ دَعَا الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ أَحْيَانًا عَقِيبَ الصَّلَاةِ لِأَمْرٍ عَارِضٍ لَمْ يُعَدَّ هَذَا مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ، كَاَلَّذِي يُدَاوِمُ عَلَى ذَلِكَ.

وقال أيضًا كما في «مجموع الفتاوى» (٢٢/ ٥١٧ - ٥١٨): وَبِالْجُمْلَةِ فَهُنَا شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا: دُعَاءُ الْمُصَلِّي الْمُنْفَرِدِ كَدُعَاءِ الْمُصَلِّي صَلَاةَ الِاسْتِخَارَةِ، وَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ، وَدُعَاءُ الْمُصَلِّي وَحْدَهُ، إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا، وَالثَّانِي: دُعَاءُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِينَ جَمِيعًا، فَهَذَا الثَّانِي لَا رَيْبَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَفْعَلْهُ فِي أَعْقَابِ الْمَكْتُوبَاتِ، كَمَا كَانَ يَفْعَلُ الْأَذْكَارَ الْمَأْثُورَةَ عَنْهُ؛ إذْ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَنَقَلَهُ عَنْهُ أَصْحَابُهُ، ثُمَّ التَّابِعُونَ، ثُمَّ الْعُلَمَاءُ، كَمَا نَقَلُوا مَا هُوَ دُونَ ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا كَانَ الْعُلَمَاءُ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي هَذَا الدُّعَاءِ عَلَى أَقْوَالٍ:

مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَحِبُّ ذَلِكَ عَقِيبَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ، وَغَيْرِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ سُنَّةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>