وأخرج أحمد (٥/ ٢٦٠) بإسناد حسنٍ عن أبي أمامة -رضي الله عنه-، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يصليهما بعد الوتر، وهو جالسٌ، يقرأ فيهما:{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}[الزلزلة:١]، و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وهو في «الصحيح المسند»(٤٩٥).
وأخرج الدارقطني (٢/ ٣٦)، من حديث ثوبان -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إنَّ هذا السفر جَهدٌ، وثِقَل، فإذا أوتر أحدكم؛ فليصل ركعتين؛ فإن قام من الليل، وإلا كانتا له»، وهو حديث حسنٌ، وهو في «الصحيح المسند» لشيخنا -رحمه الله- برقم (١٩٠).
فمن هذه الأدلة ذهب طائفة من أهل العلم إلى استحباب هاتين الركعتين بعد الوتر منهم: كثير بن ضمرة، وخالد بن معدان، والحسن، وأبو مجلز، وجماعة من الحنابلة.
وبالغ بعضهم فعدَّها من الرواتب، ومن أهل العلم من رخَّصَ فيها، ولم يكرهها، وهو قول الأوزاعي، وأحمد، ومنهم من كرهها، وهو قول مالك، وحُكي عن الشافعي.
قلتُ: الراجح هو الاستحباب؛ للأدلة المتقدمة، وقد صح عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه صلاهما، وأفتى بهما. أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ٢٨٣)، ويُستحب عدم المداومة عليها؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يداوم عليها، بل فعلها أحيانًا، وقال:«اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا». (١)