قال ابن رجب -رحمه الله-: وذهب أكثر العلماء إلى جواز إعادة الجماعة في المساجد في الجملة، كما فعله أنس بن مالك، منهم: عطاء، وقتادة، ومكحول، وهو قول إسحاق، وأبي يوسف، ومحمد، وداود، واختلف فيه عن الحسن، والنخعي، فرُوي عنهما كالقولين، وهي رواية عن أحمد. اهـ
واستدل هؤلاء بحديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، قال: جاء رجلٌ وقد صلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أيكم يتجر على هذا؟ فقام رجلٌ فصلَّى معه. أخرجه أحمد (٣/ ٥)، وأبو داود (٥٧٤)، واللفظ لأحمد، وهو حديث صحيح.
وهذا القول هو الصواب؛ لصحة دليله، وهو اختيار الإمام ابن باز، والإمام العثيمين، والإمام الوادعي رحمة الله عليهم.
وأما أهل القول الأول فدليلهم ضعيفٌ، واستند أهل ذلك القول إلى أنَّ هذا العمل يُكره؛ لكونه ذريعة لتخلف بعض من يخرجون على الأئمة، فلا يرون الصلاة معهم، بل يُصَلُّون جماعة أخرى.
ويُجاب عنه: بأنَّ فضيلة الجماعة لا تُتْرَكُ لمثل هذا الأمر، والله أعلم.
تنبيه: الخلاف المتقدم فيما إذا كان للمسجد إمام راتبٌ، وأما إذا لم يكن للمسجد إمام راتبٌ؛ فلا يُكره إعادة الجماعة فيه عند أحد من العلماء؛ خلا الليث بن سعد؛ فإنه كره الإعادة فيه أيضًا. قاله الحافظ ابن رجب -رحمه الله-.اهـ. (١)