للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجاءت رواية عن الإمام مالك بموافقة الجمهور، وقد ذهب ابن حزم الظاهري إلى بطلان صلاته إذا وافق إمامه، وقال به بعض الحنابلة، وقول الجمهور هو الصواب؛ لأنَّ التحريم جاء في حقِّ المسابق كما سيأتي، ويُفهم منها مشروعية المتابعة، والموافقة، ولكن الائتمام الكامل لا يحصل إلا بالمتابعة، فلذلك كره له الموافقة، والله أعلم. (١)

تنبيه: ما تقدَّم من كراهية الجمهور للموافقة إنما هو في الأفعال الظاهرة، كالركوع، والسجود، والقيام، والقعود، وأما الأفعال التي ليست بظاهرة، وكذلك الأقوال في الصلاة؛ فيُشرع فعلها مع الإمام، وقبل الإمام؛ ما خلا تكبيرة الإحرام، والسلام؛ فإنه يقولها بعد الإمام، وقد تقدَّم حكم من كبَّرَ، أو سلَّمَ قبل إمامه في موضعه.

الحالة الثالثة: السَّبْق.

وهو أن يركع المأموم، أو يسجد، أو يقوم، أو يقعد قبل إمامه، وهو مُحرَّمٌ عند عامة أهل العلم، بل عدَّه بعضهم من الكبائر.

ويدل على تحريمه حديث أبي هريرة في «الصحيحين» (٢)، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار».

وحديث أنس في «مسلم» (٤٢٦) أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «إنِّي إمامكم، فلا


(١) وانظر: «المغني» (٢/ ٢٠٨)، «الفتح» لابن رجب (٤/ ١٦١ - ١٦٢).
(٢) أخرجه البخاري برقم (٦٩١)، ومسلم برقم (٤٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>