نسخ أحاديث الأمر بالجلوس بصلاة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في مرضِ موته قاعدًا، والناس خلفه قيامًا، ولم يأمرهم بالجلوس كما قرره البخاري، وحكاه عن الحميدي.
القول الثاني: يُصلِّي القادر على القيام خلف الإمام الجالس جالسًا، هذا هو المروي عن الصحابة، ولا يُعرف عنهم اختلاف في ذلك.
وممن رُوي عنه ذلك من الصحابة: أُسيد بن حضير، وقيس بن قهد، وجابر ابن عبدالله، وأبو هريرة، ومحمود بن لبيد، ولا يُعرف عن صحابي خلاف ذلك، بل كانوا يفعلون ذلك في مساجدهم ظاهرًا، ولم ينكر عليهم عملهم صحابيٌّ، ولا تابعي.
وهو قول الأوزاعي، وحماد بن زيد، وأحمد، وإسحاق، وأبي خيثمة، وسليمان الهاشمي، وأبي بكر بن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن خزيمة، وغيرهم.
واستدل هؤلاء بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، في «الصحيحين»(١) مرفوعًا: « ... ، وإذا صلى قاعدًا؛ فَصَلُّوا قعودًا أجمعين».
وهذا القول هو الصواب.
وأما ادِّعاءُ النسخ؛ فليس بصحيح؛ لأنَّ النسخ لا يُرجع إليه إلا إذا لم يمكن الجمع بين الدليلين.
قال ابن رجب -رحمه الله-: ويدل على أنَّ الأمر بالقعود غير منسوخ أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- علَّله بِعِللٍ لم تُنسخ، ولم تبطل منذ شُرعت، منها: أنه علَّله بأنَّ الإمام إنما جُعل