للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة:٢٨]، ولحديث أبي ثعلبة، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «فاغسلوها»، واحتج أصحابنا بقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة:٥]، ومعلومٌ أن طعامهم يطبخونه في قدورهم، ويباشرونه بأيديهم، وبحديث عمران، وبأنَّ الأصل الطهارة، وبأنَّ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يأذن للكفار في دخول المسجد، ولو كانوا أنجاسًا لم يأذن.

وأجاب أصحابنا عن الآية بجوابين، أحدها: معناها أنَّ المشركين نجس أديانهم، واعتقادهم، وليس المراد أبدانهم، وأوانيهم، بدليل أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أدخلهم المسجد، واستعمل آنيتهم، وأكل طعامهم.

وأجابوا عن حديث أبي ثعلبة: بأنَّ السؤال كان عن الآنية التي يطبخون فيها لحم الخنزير، ويشربون فيها الخمر، كما جاء في رواية أبي داود.

وجواب آخر: أنه محمول على الاستحباب. ذكره الشيخ أبو حامد، ويدل عليه أنه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- نهاهم عن استعمالها مع وجود غيرها، وهذا محمول على الاستحباب بلا شك، والله أعلم. (١)

والحاصل من هذه المسألة: أنَّ آنية الكفار إنْ تُيُقِّنَ من نجاستها؛ حرم استعمالها حتى يغسلها، وإن تيقن من طهارتها؛ فلا كراهة في استعمالها، وما عدا هاتين الصورتين فيكره استعمالها؛ لحديث أبي ثعلبة: «لا تأكلوا فيها ... » الحديث.


(١) انتهى بتصرف من «شرح المهذب» (١/ ٢٦٣ - ٢٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>