قال المرداوي -رحمه الله- في «الإنصاف»(٢/ ٢٨٥) ط/إحياء التراث: الذي قطع به الإمام ابن رجب في القاعدة الخامسة والثمانين: جواز تأخير الصبي عن الصف الفاضل، وإذا كان في وسط الصف، وقال: صرح به القاضي، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد، وعليه حمل فعل أبي بن كعب بقيس بن عباد. اهـ
قلتُ: وذهب بعض الحنابلة إلى عدم تأخيره كما في «الإنصاف».
قال الإمام العثيمين -رحمه الله- في «الشرح الممتع»(٣/ ١٧ - ١٨): في هذا نظرٌ، بل نقول: إنَّ الصبيان إذا تقدَّموا إلى مكانٍ، فهم أحقُّ به مِن غيرهم؛ لعموم الأدلَّة على أنَّ مَن سبقَ إلى ما لم يسبق إليه أحدٌ فهو أحقُّ به، والمساجدُ بيوتُ الله، يستوي فيها عباد الله، فإذا تقدَّم الصبيُّ إلى الصفِّ الأول -مثلًا- وجَلَسَ فليكنْ في مكانِه، ولأننا لو قلنا بإزاحة الصِّبيان عن المكان الفاضل، وجعلناهم في مكان واحد أدى ذلك إلى لَعبِهم؛ لأنَّهم ينفردون بالصَّفِّ، ثم هنا مشكل، إذا دخل الرِّجالُ بعد أن صفَّ الجماعة هل يُرجعونهم، وهم في الصلاة؟ وإن بَقَوا صفًّا كاملاً فسيُشوِّشون على مَنْ خلفَهم مِن الرِّجَال، ثم إنَّ تأخيرهم عن الصَّفِّ الأول بعد أن كانوا فيه يؤدِّي إلى محذورين:
المحذور الأول: كراهة الصَّبيِّ للمسجدِ؛ لأن الصَّبيَّ -وإنْ كان صبيًّا- لا تحتقره، فالشيء ينطبع في قلبه.
المحذور الثاني: كراهته للرَّجُل الذي أخَّره عن الصَّفِّ.
فالحاصل: أنَّ هذا القولَ ضعيفٌ، أعني: القول بتأخير الصِّبيان عن أماكنهم،