قلتُ: وهي آثار صحيحة، وقد بيَّن من وصلها الحافظ في «التغليق».
• وذهب أحمد، وإسحاق، إلى جواز إقامة الجمعة قبل الزوال، واستدلوا بحديث سلمة بن الأكوع، وسهل بن سعد اللَّذَيْنِ في الباب، واستدلوا بحديث جابر بن عبد الله في «صحيح مسلم»(٨٥٨)، قال: كُنَّا نصلي الجمعة مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم نرجع إلى نواضحنا، فنريحها حين تزول الشمس.
واستدلوا بأثر عبد الله بن سيدان، عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، أنهم كانوا يصلون الجمعة قبل نصف النهار، أو عند انتصافه.
قال أبو عبد الله غفر الله له: وقول الجمهور هو الصواب.
وأما حديث سلمة بن الأكوع: فالمقصود منه نفي الظل الكبير الذي يصلح للاستظلال به كما في الرواية الأخرى: «ثم نرجع نتتبع الفيء».
وأما حديث سهل بن سعد: فليس فيه إشكال؛ فإنه أطلق على الأكلة غداءً، وعلى الاستراحة تلك قيلولة، باعتبار أصلها، لا أنها فُعِلَتْ في وقتها.
وأما حديث جابر: ففيه التعجيل الشديد بالصلاة بعد الزوال، ولا يُنافي ذلك أنْ يكونوا صلَّوها بعد الزوال؛ لأنَّ لفظة:«حين تزول الشمس» تشمل وقت الزوال وقبله بقليل، وبعده بقليل.
وعلى التسليم؛ فإنما يستفاد من الحديث جواز التعجيل اليسير قبل الوقت؛