أكله محرمًا، مع أنه طاهرٌ. واستدلوا بحديث:«دباغ الأديم ذكاته»، فَشَبَّهَ الدبغ بالذكاة، والمشبه به أقوى من المشبه، فإذا طهَّر الدبغ مع ضعفه، فالذكاة أولى، ولأنَّ الدبغ يرفع العلة بعد وجودها، والذكاة تمنعها، والمنع أقوى من الرفع. واستدل لهم كذلك بأنَّ العلة من نجاسة الميتة احتقان الدم كما تقدم في مسألة (ما لا نفس له سائلة)، ومسألة (عظام الميتة)، والدم يخرج من هذا الحيوان بذبحه، فما هو الدليل على نجاسته، وأما حديث:«فإنها رجسٌ»، فقد تقدم الجواب عليه، وأما كونها ذكاة غير شرعية؛ فإن ذلك لا يستلزم النجاسة، وأما الأمر بغسل الآنية؛ فلكونها فيها لحم محرم، فيجب غسل الإناء من اللحم وأثره.
قال أبو عبد الله غفر الله لهُ: يمكن أن يستدل على نجاسة الحيوان الذي لا يؤكل إذا ذكي بأنه صار ميتة، وإنما استثني في الشرع الحيوان الذي يؤكل إذا ذكي ذكاة شرعية، وأما ما لا يؤكل؛ فذكاته غير شرعية؛ فهو ميتة.
وكذلك الحيوان الذي يؤكل إذا ذكي ذكاة غير شرعية؛ فهو ميتة، وعليه فجلده ولحمه نجس كما هو مذهب أحمد، والشافعي، وهو الراجح، والله أعلم.
وأما كون العلة (احتقان الدم) في (ما لا نفس له سائلة) فهي علة مستنبطة، وقد يحتمل أيضًا أنَّ العلة أيضًا أنها قليلة الرطوبة، أو معدومتها مع العلة المتقدمة، والله أعلم. (١)