القول الثاني: إذا صَلَّوا العيد لم تجب بعده صلاة حتى يصلي العصر، فيسقط عنه وجوب الجمعة، والظهر، وهذا قول عطاء، وذكر أنَّ ذلك صنيع ابن الزبير، وقال به إبراهيم النخعي، ونقل عن الشعبي، وهو من طريق مجالد عنه، وفيه ضعف، واختاره الشوكاني.
القول الثالث: يسقط وجوب الجمعة عن أهل البلد، ولكن ينبغي للإمام أن يصلي الجمعة، وهذا قول أحمد، وأصحابه، واستدلوا على سقوط وجوب الجمعة بأحاديث الباب، وصحَّ عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، بإسناد صحيح عند ابن المنذر (٤/ ٢٨٨)، أنه لم يُصلِّ الجمعة عند أن اجتمعت مع العيد، وصحَّ ذلك عن عثمان -رضي الله عنه- كما تقدم، وعن علي -رضي الله عنه- كما في «مصنف ابن أبي شيبة»، وثبت عن ابن الزبير، وابن عباس بإسناد صحيح كما في «المصنف» أيضًا، واستدلوا على أنَّ الإمام ينبغي له أن يصلي الجمعة بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، الذي في الباب، ففيه قال: وإنَّا مُجَمِّعون. وهو إن كان مرسلًا؛ فإنه يشهد له حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- في «صحيح مسلم»(٨٧٨)، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في العيد، والجمعة بـ:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وَ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}، قال: وإذا اجتمعا في يوم؛ قرأ بهما أيضًا في الصلاتين.
القول الرابع: لا تسقط الجمعة مطلقًا، وهو قول مالك، وأبي حنيفة.
قال أبو عبد الله: قول أحمد وأصحابه هو الصواب؛ لأدلتهم المذكورة.