للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم قال: وَيَشْهَدُ لَهُ مَا رَوَاهُ مُسْلِم، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيق: مُجَاهِد عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ: فَرَضَ اَلله اَلصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي اَلْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي اَلسَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي اَلْخَوْفِ رَكْعَة. (١)

قال: وَبِالِاقْتِصَارِ فِي اَلْخَوْفِ عَلَى رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ يَقُولُ إِسْحَاق، وَالثَّوْرِيّ وَمَنْ تَبِعَهُمَا، وَقَالَ بِهِ أَبُو هُرَيْرَة، وَأَبُو مُوسَى اَلْأَشْعَرِيّ (٢)، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ اَلتَّابِعِينَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَيَّدَ ذَلِكَ بِشِدَّة اَلْخَوْف.

قال: وَقَالَ الْجمْهُور: قَصْرُ اَلْخَوْف قَصْر هَيْئَةٍ لَا قَصْرُ عَدَدٍ، وَتَأَوَّلُوا رِوَايَة مُجَاهِدٍ هَذِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ رَكْعَة مَعَ اَلْإِمَامِ، وَلَيْسَ فِيهِ نَفْي اَلثَّانِيَة، وَقَالُوا: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْله فِي اَلْحَدِيثِ اَلسَّابِقِ: «لَمْ يَقْضُوا»، أَيْ: لَمْ يُعِيدُوا اَلصَّلَاةَ بَعْدَ اَلْأَمْنِ، وَاَلله أَعْلَمُ. اهـ

قال الشوكاني -رحمه الله- في «النيل» (٢/ ٦٣٠): وَيَرُدُّ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «وَلَمْ يَقْضُوا رَكْعَةً»، وَكَذَا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ: «وَلَمْ يَقْضُوا»، وَكَذَا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الثَّانِي: «وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً»، وَأَمَّا تَأْوِيلُهُمْ قَوْلَهُ: «لَمْ يَقْضُوا» بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ: لَمْ يُعِيدُوا الصَّلَاةَ بَعْد الْأَمْنِ؛ فَبَعِيدٌ جَدًّا. اهـ

قلتُ: القول بأنه يجوز الاقتصار على ركعة هو الصواب؛ لقوة أدلته، وقد عزا هذا القول ابن رجب -رحمه الله- في «الفتح» (٩٤٤) إلى الحسن، وطاوس، ومجاهد،


(١) أخرجه مسلم برقم (٦٨٧)، وأبو داود (١٢٤٧)، والنسائي (٣/ ١٦٩).
(٢) أثر أبي موسى -رضي الله عنه- فيه أنه صلى ركعة بطائفة، ثم الركعة الأخرى بطائفة أخرى، وقضت كل طائفة ركعة: أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ٤٦٢) بإسناد صحيح، وأما أثر أبي هريرة -رضي الله عنه- فلم أجده.

<<  <  ج: ص:  >  >>