للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَا لِحَيَاتِهِ»، أَيْ: لَا يَكُونُ الْكُسُوفُ مُعَلَّلًا بِالْمَوْتِ؛ فَهُوَ نَفْيُ الْعِلَّةِ الْفَاعِلَةِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الَّذِي فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ الْأَنْصَارِ أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ إذْ رُمِيَ بِنَجْمِ فَاسْتَنَارَ، فَقَالَ: «مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهَذَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟» فَقَالُوا: كُنَّا نَقُولُ: وُلِدَ اللَّيْلَةَ عَظِيمٌ، أَوْ مَاتَ عَظِيمٌ.

فَقَالَ: «إنَّهُ لَا يُرْمَى بِهَا لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّ اللهَ إذَا قَضَى بِالْأَمْرِ سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ»، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي مُسْتَرِقِ السَّمْعِ، فَنَفَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَكُونَ الرَّمْيُ بِهَا لِأَجْلِ أَنَّهُ قَدْ وُلِدَ عَظِيمٌ أَوْ مَاتَ عَظِيمٌ؛ بَلْ لِأَجْلِ الشَّيَاطِينِ الْمُسْتَرِقِينَ السَّمْعَ، فَفِي كِلَا الْحَدِيثَيْنِ مِنْ أَنَّ مَوْتَ النَّاسِ وَحَيَاتَهُمْ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِكُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَلَا الرَّمْيَ بِالنَّجْمِ؛ وَإِنْ كَانَ مَوْتُ بَعْضِ النَّاسِ قَدْ يَقْتَضِي حُدُوثَ أَمْرٍ فِي السَّمَوَاتِ كَمَا ثَبَتَ فِي «الصِّحَاحِ»: «إنَّ الْعَرْشَ عَرْشَ الرَّحْمَنِ اهْتَزَّ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ»، وَأَمَّا كَوْنُ الْكُسُوفِ أَوْ غَيْرُهُ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِحَادِثِ فِي الْأَرْضِ مِنْ عَذَابٍ يَقْتَضِي مَوْتًا أَوْ غَيْرِهِ فَهَذَا قَدْ أَثْبَتَهُ الْحَدِيثُ نَفْسُهُ، وَمَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَا يُنَافَى لِكَوْنِ الْكُسُوفِ لَهُ وَقْتٌ مَحْدُودٌ يَكُونُ فِيهِ حَيْثُ لَا يَكُونُ كُسُوفُ الشَّمْسِ إلَّا فِي آخِرِ الشَّهْرِ لَيْلَةَ السِّرَارِ وَلَا يَكُونُ خُسُوفُ الْقَمَرِ إلَّا فِي وَسَطِ الشَّهْرِ وَلَيَالِي الْإِبْدَارِ، وَمَنْ ادَّعَى خِلَافَ ذَلِكَ مِنْ الْمُتَفَقِّهَةِ أَوْ الْعَامَّةِ؛ فَلِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْحِسَابِ؛ وَلِهَذَا يُمْكِنُ الْمَعْرِفَةُ بِمَا مَضَى مِنْ الْكُسُوفِ وَمَا يَسْتَقْبِلُ كَمَا يُمْكِنُ الْمَعْرِفَةُ بِمَا مَضَى مِنْ الْأَهِلَّةِ وَمَا يَسْتَقْبِلُ؛ إذْ كُلُّ ذَلِكَ بِحِسَابِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا} [الأنعام:٩٦]، وَقَالَ تَعَالَى: {

الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>