وغيرهما، من حديث مالك بن هبيرة، ولفظه:«ما من مسلم يموت فيصلى عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب» وفي إسناده عنعنة ابن إسحاق، وقد تفرد بالحديث؛ فهو حديث ضعيفٌ، فحديث ابن عباس في الباب هو أقل عدد فيه الفضل المذكور، والله أعلم.
فائدة: حديث مالك بن هبيرة المتقدم، استدل به بعض أهل العلم على استحباب جعل الصفوف ثلاثة، وقال بذلك مالك، وأحمد، والشافعية. إلا أن أحمد كره أن يجعل في صف واحدٍ رجلًا.
وقد استدل على ذلك أيضًا بما وراه الطبراني (٧٧٨٥) عن أبي أمامة -رضي الله عنه-، قال: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - على جنازة، ومعه سبعة نفر؛ فجعل ثلاثةً صفًّا، اثنين صفًّا، واثنين صفًّا. وإسناده ضعيف؛ فيه ابن لهيعة، ضعيف، ولا يصلح أن يقوى هذا الحديث بحديث مالك بن هبيرة؛ فإن حديث مالك بن هبيرة -رضي الله عنه-، فيه ذكر الفضيلة، وهذا الحديث فيه فعله - صلى الله عليه وسلم - بواقعة من الوقائع، والله أعلم.
قال أبو عبد الله غفر الله له: يظهر لي -والله أعلم- أن المراد من حديث مالك ابن هبيرة لو كان ثبت، هو الحث على تكثير المصلين أن يبلغوا ثلاثة صفوف، وأن الصفوف بنفسها ليس لها الفضيلة المذكورة في الحديث، وعليه فلا يستحب تكلف جعلها ثلاثة صفوف، ولو كان العدد قليلًا؛ لعدم ثبوت دليل على ذلك، والله أعلم. (١)