أقبلت؟ قالت: من قبر عبدالرحمن بن أبي بكر. فقلت لها: أليس كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن زيارة القبور؟ قالت: نعم، ثم أمر بزيارتها.
وأخرجه ابن ماجه (١٥٧٠) مختصرًا بلفظ: رخَّص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في زيارة القبور. واستدلوا على الجواز بحديث عائشة -رضي الله عنها- في «صحيح مسلم»(٩٧٤): كيف أقول؟ تعني في المقبرة، قال:«قُولِي: السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنْ المُؤْمِنِينَ وَالمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ الله الْمسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ الله بِكُمْ لَلَاحِقُونَ».
• وذهب أكثر الحنابلة، وجماعة من الشافعية إلى الكراهة، واختلفوا: هل الكراهة للتحريم، أم للتنزيه، فذهب بعض الحنابلة إلى التحريم، وهو رواية عن أحمد، وهو وجهٌ للشافعية، ورجَّح هذا شيخ الإسلام ابن تيمية، واستدلوا بحديث:«لعن اللهُ زواراتِ القبور»، وبحديث أم عطية -رضي الله عنها-: «نهينا عن اتباع الجنائز، ولم يُعزَم علينا»، وبحديث عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما-، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال لفاطمة -رضي الله عنها-: «لو كنت بلغت معهم الكُدَى؛ ما دخلت الجنة»، وهو ضعيفٌ، منكرٌ كما تقدم.
• وذهب جماعة من الشافعية، والحنابلة إلى الكراهة فقط.
وأقرب الأقوال هو القول الأول، وأما حديث:«لعن اللهُ زواراتِ القبور»؛ فهو منسوخ، وهو الذي فهمته عائشة -رضي الله عنها-، وحمله بعضهم على المكثِرات من الزيارة؛ لقوله:«زَوَّارَات»؛ لما قد يؤدي من التبرج، والمخالفات الشرعية، والمحمل الأول أقرب؛ لأنَّ الحديث جاء باللفظين:«زائرات»، «وزوارات»، وهذا يدل على