فمضمض»، فهذه الزيادة فيها كلام سيأتي إن شاء الله حيث ذكر الحافظ الحديث.
هذا وليعلم أنَّ أهل هذا المذهب لم يقولوا كلهم بوجوب الاستنشاق في الغسل أيضًا، كما هو ظاهرُ نقْلِ النووي؛ فإنَّ ابن حزم قال في «المحلَّى»(١٩٨): وقال أحمد بن حنبل، وداود: الاستنشاق، والاستنثار فرضان في الوضوء، وليسا فرضين في الغسل من الجنابة، وليست المضمضة فرض، لا في الوضوء، ولا في الغسل من الجنابة، وهذا هو الحق.
قلتُ: وهذا هو الراجح فيما يظهر لي -والله أعلم- لأنَّ الأدلة المتقدمة في إيجاب الاستنشاق مقيدة بالوضوء.
وأما استدلال الجمهور بحديث:«توضأ كما أمرك الله»، فيجاب عنه من وجهين:
الوجه الأول: قال أبو محمد بن حزم -رحمه الله- في «المحلَّى»: وهذا لا حجة لهم فيه؛ لأنَّ الله تعالى يقول:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}[النساء:٨٠]، فكل ما أمر به رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فالله تعالى أمر به.
الوجه الثاني: أنَّ المأمورات الشرعية لم تحصر في دليل واحد، فالأوامر متقدمة تضاف إلى ما ذكره الله في كتابه قال تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[الحشر:٧].
وأما قول الحنابلة: (إنَّ الفم، والأنف من الوجه، فوجب المضمضة،