قلتُ: والصواب ما ذهب إليه الحنابلة من أنه يُجزِئ من أي النوعين شاء، سواء كان الضأن والمعز متساويين، أو متفاوتين في العدد، وهذا هو اختيار ابن حزم -رحمه الله-.
إلا أنَّ الحنابلة قالوا: يخرج من أحد النوعين ما قيمته كقيمة المخرج من النوعين، فإذا كان النوعان سواء، وقيمة المخرج من أحدهما اثنا عشر، ومن الآخر خمسة عشر؛ أخرج من أحدهما ما قيمته ثلاثة عشر ونصف، وهكذا ينظر إلى نسبة الشقص، فيخرج بحسبه، وأما ابن حزم فيرى الإجزاء مطلقًا بدون هذا التفصيل، وقوله أقرب، والله أعلم.
قال ابن حزم -رحمه الله- رادًّا على قول مالك، والشافعي: وهذا قول بلا برهان، لا من قرآن، ولا من سنة صحيحة، ولا رواية سقيمة، ولا قول صاحب، ولا قياس، بل الذي ذكروا خلاف للسنن المذكورة، وقد اتفقوا على جمع المعزى مع الضأن، وعلى أن اسم غنم يعمها، وأن اسم الشاة يقع على الواحد من الماعز ومن الضأن، ولو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم في حكمها فرقًا؛ لبينه كما خص التيس، وإن وجد في اللغة اسم التيس يقع على الكبش؛ وجب أن لا يؤخذ في الصدقة إلا برضى المصدق، والعجب أن المانع من أخذ الماعزة عن الضأن أجاز أخذ الذهب عن الفضة والفضة عن الذهب وهما عنده صنفان يجوز بيع بعضهما ببعض متفاضلًا. اهـ. (١)