وهذا القول رجَّحه ابن حزم بكلام قوي، وهو اختيار الإمام ابن باز، والإمام ابن عثيمين رحمة الله عليهما.
قال الإمام ابن عثيمين -رحمه الله-: وأما أثر عثمان؛ فإننا نسلم أنه إن كان على الإنسان دينٌ حال، وقام بالواجب، وهو أداؤه؛ فليس عليه زكاة؛ لأنه سيؤدي من ماله، وسبق الدين يقتضي أن يقدم في الوفاء على الزكاة؛ لأنَّ الزكاة لا تجب إلا إذا حالَ الحول، والدين سابق، فكان لسبقه أحق بالتقديم من الزكاة، ونحن نقول لمن اتقى الله وأوفى ما عليه: لا زكاة عليك؛ إلا فيما بقي، أما إذا لم يف ما عليه، وماطل؛ لينتفع بالمال، ثم نقول: هذا الدين الذي عليك يسقط عليك الزكاة؛ فهذا لا يتطابق مع الأثر.
قال: فإن قال قائل: فكيف يكون مُزَكِّيًا وله أن يأخذ الزكاة؟ فنقول: ليس فيه غرابة، لو كان عند الإنسان نصاب، أو نصابان لا تكفيه المؤنة، لكنهما يبقيان عنده إلى الحول، فنقول: نعطيه المؤنة، ونأمره بالزكاة، ولا تناقض. اهـ
وأما قولهم:(إنه فقير)؛ فالغني في قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «تؤخذ من أغنيائهم» هو من ملك النصاب.
قلتُ: وقد استدل الإمام ابن عثيمين -رحمه الله- على ترجيح القول الثاني بأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يبعث العمال الذين يقبضون الزكاة بدون استفصال مع أنَّ الغالب أنَّ أهل الثمار عليهم ديون؛ لأنَّ من عادتهم السَّلف، قال: ولأنَّ الدين يجب في