للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرابع: أنَّ المراد بالمسح الغسل.

قال أبو علي الفارسي: العرب تسمي خفيف الغسل مسحًا.

واستدلوا بقول ابن عباس: ما أجد في كتاب الله إلا غسلتين، ومسحتين (١). وجاء عن أنس ما يدل على هذا أيضًا (٢)، وأجيب عنهما بعد التنبيه على أنهما صحيحان بأنهما قد صحَّ عنهما غسل القدمين (٣)، فيحمل ما ذكراه على أنهما أرادا بمسح القدمين: الغسل الخفيف، أو المسح على الخفين، ومنهم من قال: إنَّ أنسًا أراد أنَّ الآية لا تدل على الغسل، وإنما دلَّ على الغسل سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.

وبعد هذا إن صح تأويل كلام ابن عباس، وأنس -رضي الله عنهم- على ما تقدم، وإلا كان ما تواتر عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قولاً، وفعلًا، وعن الصحابة قولًا، وفعلًا، مقدمًا، والله أعلم.

والراجح قول الجمهور، وهو وجوب غسل القدمين؛ لقوله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ}، على قراءة النصب، وهي الأشهر، وكذلك قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «ويل للأعقاب من النار». (٤)


(١) أخرج عبد الرزاق (١/ ١٩) عن ابن جريج، أخبرني عمرو بن دينار، أنه سمع عكرمة يقول: قال ابن عباس: الوضوء مسحتان وغسلتان. وإسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ١٩) عن ابن علية، عن حميد، قال: كان أنس إذا مسح على قدميه بلهما. وهذا إسناد صحيح.
(٣) أثر أنس -رضي الله عنه- في الغسل عند ابن أبي شيبة (١/ ١٩) عن ابن أبي عدي، عن حميد، عن أنس -رضي الله عنه-. وأثر ابن عباس أخرجه أيضًا ابن أبي شيبة (١/ ٢٠) عن ابن المبارك، عن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قرأ: {وأرجلَكم} قال: رجع الأمر إلى الغسل. وهذان إسنادان صحيحان.
(٤) وانظر: «المغني» (١/ ١٨٤ - ١٨٥)، و «المجموع» (١/ ٤١٧ - ٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>