للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القول الرابع: أنه لا يجزئ إلا الشعير، والتمر، وهو قول ابن حزم الظاهري، واستدل بحديث ابن عمر الذي في الباب، وأما حديث أبي سعيد فأجاب عنه بأنه مضطربٌ وموقوفٌ.

قلتُ: والراجح من هذه الأقوال هو القول الأول؛ لحديث أبي سعيد: «صاعًا من طعامٍ»، وهذا القول نصره شيخ الإسلام، وعزاه للجمهور.

قال شيخ الإسلام -رحمه الله- -بعد أن عزا هذا القول لأكثر العلماء-: وَهُوَ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ؛ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الصَّدَقَاتِ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى وَجْهِ الْمُسَاوَاةِ لِلْفُقَرَاءِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة:٨٩]، وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ؛ لِأَنَّ هَذَا كَانَ قُوتَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا لَيْسَ قُوتَهُمْ، بَلْ يَقْتَاتُونَ غَيْرَهُ؛ لَمْ يُكَلِّفْهُمْ أَنْ يُخْرِجُوا مِمَّا لَا يَقْتَاتُونَهُ، كَمَا لَمْ يَأْمُرْ اللهُ بِذَلِكَ فِي الْكَفَّارَاتِ، وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ مِنْ جِنْسِ الْكَفَّارَاتِ هَذِهِ مُعَلَّقَةٌ بِالْبَدَنِ، وَهَذِهِ مُعَلَّقَةٌ بِالْبَدَنِ، بِخِلَافِ صَدَقَةِ الْمَالِ؛ فَإِنَّهَا تَجِبُ بِسَبَبِ الْمَالِ مِنْ جِنْسِ مَا أَعْطَاهُ اللهُ. اهـ

قلتُ: وإذا أخرج مما ذكر في حديث أبي سعيد الخدري المذكور في الباب، ولم يكون من قوت البلد؛ فلا نتجاسر على الحكم بعدم صحة صدقته، ولكنا نأمره بأن يخرج من قوت بلده. (١)


(١) انظر: «المغني» (٤/ ٢٩٢ - )، «المجموع» (٦/ ١٤٤)، «المحلَّى» (٧٠٤)، «شرح النسائي» (٢٢/ ٢٩٦ - ).

<<  <  ج: ص:  >  >>