القول الثاني: من ملك أربعين درهمًا، وتقدم دليلهم أيضًا، وهو قول الحسن، وأبي عبيد.
القول الثالث: من ملك مائتي درهم، أو عشرين دينارًا، وهو قول أبي حنيفة، واستدلوا بحديث:«تؤخذ من أغنيائهم، فترد في فقرائهم»(١)، ولا تجب عليه الزكاة حتى يملك القدر المذكور؛ فدلَّ على أنَّ هذا هو الغني الذي تحرم عليه فيه الصدقة الواجبة، وتحرم عليه فيه المسألة.
القول الرابع: من لم يكن محتاجًا فهو الغني الذي لا تصرف له، وأما إذا كان محتاجًا فليس بغني وإن ملك خمسين درهمًا، أو مائتين، وهو قول مالك، والشافعي، وأحمد في رواية، واستدل بعضهم على ذلك بحديث قبيصة بن المخارق الذي في الباب في قوله:«فحلَّت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش».
قلتُ: وهذا القول الأخير هو الصواب، وقد رجَّحه ابن عبد البر في «التمهيد»، وأمَّا التحديد بخمسين درهمًا فحديثهم ضعيفٌ جدًّا، وكذلك التحديد به، والتحديد بأربعين إنما هو في النهي عن المسألة، وليس فيهما تحريم أخذ الصدقة إذا كان محتاجًا، وأما استدلال أبي حنيفة بالحديث؛ فالحديث فيه بيان الغِنَى الموجِب للزكاة، لا بيان الغنى المانع من أخذ الزكاة، وضابط الغِنَى الموجب للزكاة هو من ملك نصابًا من الماشية، أو الأثمان، أو الزروع والثمار؛ فإنه تجب