٣) حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- في «صحيح مسلم»(١٠٨٧)، أنه سأل كُريبًا: متى رأى الهلال؟ وكان بالشام، فقال: رأيناه ليلة الجمعة. فقال ابن عباس: لَكِنَّا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نرى الهلال، أو نكمل العدة. فقال كُريب: أفلا تكتفي برؤية معاوية؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
المذهب الثالث: أنه لا يلزم أهل البلد رؤية غيرهم؛ إلا أن يثبت ذلك عند الإمام الأعظم، فيلزم الناس كلهم؛ لأنَّ البلاد في حقِّه كالبلد الواحد؛ إذ حُكْمُه نافذٌ في الجميع، وهو قول ابن الماجشون.
وقال الإمام ابن عثيمين -رحمه الله-: وعمل الناس اليوم على هذا، وهو من الناحية الاجتماعية قولٌ قويٌّ.
قلتُ: قبل الترجيح، قال شيخ الإسلام -رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»(٢٥/ ١٠٣): حكى ابن عبد البر الإجماع على أن الاختلاف فيما يمكن اتفاق المطالع فيه، فأما ما كان مثل الأندلس وخراسان؛ فلا خلاف أنه لا يعتبر.
وعلى هذا فرؤية أهل المغرب لا تعتبر على أهل المشرق، ولكن يظهر أن رؤية أهل المشرق تعتبر على أهل المغرب؛ لأن مطلعهم بعدهم؛ فإذا رأى الهلال أهل المشرق كانت رؤيتهم معتبرة على كل من كان بعدهم في المطلع، وإن تباعدوا، والله أعلم.
والقولان الأولان قويان، إلا أنَّ الذي يظهر -والله أعلم- أنَّ الأول أقوى؛