في الباب، وفيه:«إني إذًا صائم»، وجاء في بعض الروايات:«فإني صائم»، وفي «صحيح أبي عوانة»: «فأصوم».
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في «شرح العمدة» في كتاب الصيام (١/ ١٨٦): وهذا يدل على أنه أنشأ الصيام من النهار؛ لأنه قال:«فإني صائم»، وهذه الفاء تفيد السببية والعلة، فيصير المعنى:(إني صائم؛ لأنه لا طعام عندكم)، وأيضًا فقوله:«إني إذًا صائم»، و (إذًا) أصرح بالتعليل من الفاء. اهـ
قلتُ: ورواية أبي عوانة: «فأصوم» ظاهرة أيضًا في أنه أنشأ الصوم؛ لأنَّ الفعل:(أصوم) مضارع يُفيدُ الاستقبال، والله أعلم.
واستدل أهل هذا القول أيضًا بأنه قد صحَّ عن جمع من الصحابة أنهم يبتدئون صوم التطوع من النهار، منهم: أبو الدرداء، وأبو طلحة، وحذيفة، وابن مسعود، وأنس، ومعاذ بن جبل -رضي الله عنهم- كما في «مصنف ابن أبي شيبة»(٣/ ٣١، ٢٨، ٢٩)، وعبد الرزاق (٤/ ٢٧٢ - ٢٧٣)، والطحاوي في «شرح المعاني»(٢/ ٥٦)، ولا يُعلم لهم مخالف من الصحابة.
وهذا القول هو ترجيح الإمام الألباني، والإمام ابن باز، والإمام ابن عثيمين رحمة الله عليهم أجمعين.
• وذهب مالك، وداود، وابن حزم، والصنعاني، والشوكاني إلى وجوب تبييت النية من الليل؛ لحديث:«إنما الأعمال بالنيات»، ورجَّح هذا القول الإمام الوادعي.