للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: ثم تأملنا هذا الخبر بتوفيق الله تعالى فوجدناه ليس فيه إلا ما ذكرنا من أنه غير مخاطب في حال جنونه حتى يعقل، وليس في ذلك بطلان صومه الذي لزمه قبل جنونه، ولا عودته عليه بعد إفاقته، وكذلك المغمى عليه؛ فوجب أن من جُنَّ بعد أن نوى الصوم من الليل فلا يكون مفطرًا بجنونه، لكنه فيه غير مخاطب، وقد كان مخاطبًا به؛ فإنْ أفاق في ذلك اليوم أو في يوم بعده من أيام رمضان؛ فإنه ينوى الصوم من حينه ويكون صائمًا؛ لأنه حينئذ علم بوجوب الصوم عليه. اهـ

• وذهب الشافعي إلى أنَّ صومه فاسد، وعلل ذلك بأنه معنى يمنع وجوب الصوم، فأفسده وجوده في بعضه كالحيض، وقد رجَّح هذا المجد ابن تيمية جد شيخ الإسلام.

والراجح -والله أعلم- هو القول الأول، وأما ما استدل به الشافعي؛ فقد أجاب عنه ابن قدامة فقال: ولنا على الشافعي أنه زوال عقل في بعض النهار، فلم يمنع صحة الصوم كالإغماء، والنوم، ويُفارق الحيض؛ فإنَّ الحيض لا يمنع الوجوب، وإنما يجوز تأخير الصوم ويحرم فعله. اهـ

تنبيه: الحنفية يقولون: إذا جُنَّ بعض الشهر، وأفاق بعضه؛ لزمه قضاء ما فاته، وخالفهم الجمهور؛ فرأوا أنه لا قضاء عليه، ومذهب المالكية قضاء رمضان، ولو جنَّ فيه كله. والصحيح قول الجمهور. (١)


(١) انظر: «المغني» (٤/ ٣٣٤ - )، «شرح كتاب الصيام من العمدة» (١/ ٤٥)، «الإنصاف» (٣/ ٢٦٤)، «المحلَّى» (٧٥٤)، «الشرح الممتع» (٦/ ٣٦٥)، «الحاوي الكبير» (٣/ ٤٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>