فالقول الأول: يرده حديث عائشة -رضي الله عنها-، وكذلك حديث حفصة، وأم سلمة (في «صحيح مسلم» (١١٠٦ - ١١٠٨): أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يُقَبِّلُ وهو صائمٌ، ودعوى الخصوصية في هذه الأحاديث تحتاج إلى برهان، بل قد ثبت أنَّ رجلًا من الأنصار قبَّل امرأته على عهد رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وهو صائمٌ، فأمرها، فسألت النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عن ذلك؟ فقال لها: إنَّ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يفعل ذلك، فأخبرته امرأته، فقال لها: إنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يرخص له في أشياء، فارجعي إليه، فرجعت إليه، فأخبرته، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «أنا أتقاكم، وأعلمكم بحدود الله» أخرجه أحمد (٥/ ٤٣٤)، وصححه الوادعي -رحمه الله- في «الجامع الصحيح».
وروى مسلم في «صحيحه»(١١٠٨): أنَّ عمر بن أبي سلمة سأل رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: أيقبل الصائم؟ فقال:«سل هذه» -يعني أم سلمة- فأخبرته أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يفعل ذلك، فقال: يا رسول الله، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. فال:«أَمَا والله، إني لأتقاكم لله، وأخشاكم».
وأما القول الثاني: فالرد عليه بما رُدَّ على القول الأول.
وأما استدلالهم بالآية:{فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ}.
فالجواب عن ذلك:
أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- هو المبين عن الله تعالى، وقد أباح المباشرة، والقبلة نهارًا، فدلَّ على أنَّ المراد بالمباشرة في الآية هو الجماع لا ما دونه، والله أعلم.