بالذي يحتجم فقال:«أفطر الحاجم والمحجوم»، ولم يكن واحدٌ منهما يعلم أنَّ ذلك منهي عنه.
• وذهب بعض الحنابلة كأبي الخطاب، والمجد ابن تيمية، وجزم به الشيرازي في «المهذب» أنه لا يُعَدُّ مُفْطِرًا، ويُعذَرُ بجهله، واستدلوا بحديث عدي بن حاتم عند أن نزل قوله تعالى:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}[البقرة:١٨٧]، فأخذ عقالًا أبيضَ، وعقالًا أسود، فلم يزل يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتهما، فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إن وسادك لعريض، إنما هو سواد الليل، وبياض النهار» متفق عليه عنه، وعن سهل ابن سعد بنحوه.
وهذا القول هو الصحيح، وقد رجَّحه الإمام ابن عثيمين -رحمه الله-، وأما استدلالهم بحديث:«أفطر الحاجم والمحجوم»، فقد تقدم الجواب عليه في مسألة الحجامة، وعلى التسليم بأنه أفطر؛ فلم يأتِ في الحديث أنهما لم يكونا يعلمان أنَّ الحجامة منهي عنها. (١)
فائدة تتعلق بالمسألة السابقة: قال النووي -رحمه الله- في «المجموع»(٦/ ٣٢٤): إذا أكل الصائم، أو شرب، أو جامع جاهلًا بتحريمه؛ فإنْ كان قريب عهد بإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة بحيث يخفى عليه كون هذا مفطرًا؛ لم يفطر؛ لأنه لا يأثم، فأشبه الناسي الذي ثبت فيه النص، وإن كان مخالطًا للمسلمين؛ بحيث لا يخفى عليه تحريمه؛ أفطر؛ لأنه مقصر. اهـ